ومن ههنا : تعلم السر في الاستعاذة برب الفلق في هذا الموضع أيضاً.
فإن الفلق : هو ( الصبح ) الذي هو مبدأ ظهور النور، وهو الذي يطرد جيش الظلام، وعسكر المفسدين في الليل، فيأوي كل خبيث وكل مفسد وكل لص وكل قاطع طريق سرْب أو كِنِّ أو غار، وتأوي الهوام إلى أحجرتها والشياطين التي انتشرت بالليل إلى أمكنتها ومحالها (١).
فأمر الله عباده أن يستعيذوا بِرَبِّ النور الذي يقهر الظلمة ويزيلها.
فتأمل الاستعاذة برب الفلق من شر الظلمة، ومن شر ما يحدث فيها ونُزِّل هذا المعنى على الواقع يشهد بأن القرآن، بل هاتان السورتان، من أعظم أعلام النبوة، وبراهين صدق رسالة محمد - ﷺ -، ومضادته لما جاء به الشياطين من كل وجه، وأن ما جاء به ما تنزلت به الشياطين، وما ينبغي لهم وما يستطيعون فما فعلوه، ولا يليق بهم، ولا يتأتى منهم ولا يقدرون عليه.
وفي هذا أبين جواب وأشفاه...
فظهرت حكمة الاستعاذة برب الفلق في هذه المواضع، وظهر بهذا إعجاز القرآن وعظمته وجلالته، وأن العباد لا يقدرون قدره، وأنه ؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟ ؟ (٢).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١) انظر بدائع التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن القيم الجوزية [ج٥ص٤٠٢] وتفسير سور الفلق للشيخ محمد بن عبد الوهاب [ص١٨].
٢) سورة فصلت آية [٤٢].
الشر الثالث : شر النفاثات في العقد.
وهذا الشر هو شر السحر، فإن النفاثات في العقد : هن السواحر اللاتي يعقدن الخيوط، وينفث على كل عقدة، حتى ينعقد ما يرد من السحر.
والنفث : هو النفخ مع ريق، وهو دون التفل، وهو مرتبة بينهما.
والنفث : فعل الساحر، فإذا تكيفت نفسه بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور، ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة نفخ في تلك العقد نفخا معه ريق، فيخرج من نفسه الخبيثة نفس ممازج للشر والأذى، مقترن بالريق الممازج لذلك.


الصفحة التالية
Icon