كثرهم الله، وهم أهل البدع والضلالة، الصادون عن سنة رسول الله، الدَّاعُون إلى خلافها، الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً، فيجعلون البدعة سنة، والسنة بدعة، والمعروف منكراً، والمنكر معروفاً.
إن جردت التوحيد بينهم قالوا : تَنَقصْتَ جناب الأولياء والصالحين.
وإن جردت المتابعة لرسول الله - ﷺ - قالوا : أهدرت الأئمة المتبوعين.
وإن وصفت الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله من غير غلوّ ولا تقصير قالوا: أنت من المشبهين.
وإن أمرت بما أمر الله به ورسوله من المعروف ونهيت عما نهى الله عنه ورسوله من المنكر، قالوا : أنت من المفتونين.
وإن اتبعت السنة وتركت ما خالفها قالوا : أنت من أهل البدع الضالين.
وإن انقطعت إلى الله تعالى، وخليت بينهم وبين جيفة الدنيا، قالوا : أنت من الملبسين.
وإن تركت ما أنت عليه واتبعت أهواءهم، فأنت عند الله من الخاسرين، وعندهم من المنافقين.
فالحزم كل الحزم، التماس مرضاة الله تعالى ورسوله بإغضابهم، وأن لا تشتغل بأعتابهم، ولا باستعتابهم، ولا تبالي بذمهم ولا بغضهم، فإنه عين كمالك كما قال :
وإذا أتتك مذمتي من ناقص...... فهي الشهادة لي بأني فاضل
وقال آخر :
وقد زادني حباً لنفسي أنني... بغيض إلى كل امرئ غير طائل
فمن كان بَوَّابَ قلبه وحارسه من هذه المداخل الأربعة التي هي أصل بلاء العالم وهي فضول النظر والكلام والطعام والمخالطة واستعمل ما ذكرناه من الأسباب التسعة التي تحرزه من الشيطان فقد أخذ بنصيبه من التوفيق وسد على نفسه أبواب جهنم وفتح عليها أبواب الرحمة وانغمر ظاهره وباطنه ويوشك أن يُحْمَد عند الممات عاقبة هذا الدواء فعند الممات يحمد القوم التقي وفي الصباح يحمد القوم السري.
والله المُوَفِّق ولا رَبَّ غيَره ولا إله سِوَاه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
فهرس الموضوعات
الموضوع... الصفحة
١... المقدمة... ٣
٢... سورة الإخلاص... ٨


الصفحة التالية
Icon