القول الثاني: أن المراد بـ ﴿ الذين يطيقونه ﴾ العجوز الكبير الذي لا يستطيع الصوم والمريض مرضا مزمنا لا يبرأ منه ولا يستطيع معه الصوم فإنهما تجب عليهما الفدية ولا يكلفان بالصوم وعليه فمعنى ﴿ يطيقونه ﴾ يتكلفونه بمشقة وجهد أصلها ( يتطوقونه ) من الطوق إما بمعنى الطاقة وهي غاية الوسع وإما بمعنى القلادة وهي ما يوضع في العنق وكل منهما فيه معنى المشقة والعسر والإسلام جاء برفعهما فأباح لهؤلاء الفطر مع وجوب الفدية، وهذا مروي عن ابن عباس.
الترجيح:
ما قاله الجمهور هو الأقرب لما ثبت عن سلمة أنها منسوخة وإن احتمل أن يكون النسخ هناك بمعنى التخصيص فكثيرا ما يطلق المتقدمون النسخ بمعناه كما قال القرطبي٥٦.
وجوب صوم رمضان
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴿١٨٥﴾(
في هذه الآية جملة أحكام هي:
الحكم الأول: بم يثبت الشهر؟
المراد بشهود الشهر رؤية الهلال وهذا هو المعهود حين نزول الخطاب كما أنه المنصوص في السنة: "صوموا لؤيته وأفطروا لرؤيته".
وهنا ترد مسألة العمل بالحساب، وهي مسألة تعرض لها بعض الفقهاء وخاصة المتأخرين، ولهم فيها قولان:
القول الأول: العبرة بالرؤية فإن غم الهلال أكمل الشهر (ثلاثون) وهذا قول الجمهور
واستدلوا بالحديث المتفق عليه: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمى عليكم فأكملوا العدد" أي ثلاثين كما في رواية أخرى في الصحيح، ففي الحديث تعليق للصوم برؤية الهلال.
القول الثاني: يجوز العمل بالحساب الفلكي.
وكانت حججهم كما يلي: