القول الثاني: الزوج، فيكون المعنى إلا أن يعفو المطلقات أو يعفو الزوج عن نصف الصداق فيجعل المهر كله لها، وهو قول أبي حنيفة والشافعي في الجديد وهو المعتمد عند أصحابه.
وحجتهم ما يلي:
١- أن الخطاب في أول الآية للأزواج فلو أراد الزوج لقال: أو يعفو، ولا موجب لمخالفة مقتضى الظاهر.
٢- أن (يعفون) بمعنى يسقطن، و(يعفو الثانية بمعنى يسقط أيضا ولا يكون كذلك إلا إذا كان الذي بيده عقدة النكاح هو الولي أما إذا كان هو الزوج فيكون بمعنى يعطي، وهذا هو الراجح.
٣- أن الله تعالى قال :(وأن تعفوا أقرب للتقوى( والعفو الذي هو أقرب إلى التقوى هو عفو الزوج عن حقه أما عفو الولي عن مال المرأة فليس هو أقرب إلى التقوى.
٤- أن المهر مال للزوجة فلا يملك الولي هبته وإسقاطه كغيره من أموالها وحقوقها وكسائر الأولياء.
٥- للإجماع على أن الولي لو أبرأ الزوج من المهر قبل الطلاق لم يجز فكذلك بعده.
٦- أجمعوا على أن الولي لا يملك أن يهب شيئا من مالها والمهر مالها
٧- أجمعوا على أن من الأولياء من لا يجوز عفوهم وهو بنو العم وبنو الإخوة فكذلك الأب
الحكم الرابع: عفو من بيده عقدة النكاح:
بعد ذكر الخلاف في المراد بمن بيده عقدة النكاح فإن قلنا إنه الزوج فلا إشكال، وإذا قلنا بأنه الولي فهنا يتوجه إشكال هو: هل يحق للولي أن يتصرف في مال صغيرته أو يتيمته؟
الصحيح أنه ليس للولي التنازل عن حقوق موليته بتاتا إذ إن المهر حق خالص للزوجة وهي لا تخلو من حالتين: إما أن تكون بالغة راشدة فليس لأحد غيرها التصرف في مالها والعفو عنه ولو كان أباها، كما يعلم هذا من الشرع عموما ولهذا قال الله للأزواج :(وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً (إلى أن قال:(افْتَدَتْ بِه(ِ وقال سبحانه في شأن المهر: ( فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً(النساء٤).