عرض وردود إجمالية
يدعي الشوكاني أن البحث في هذا العلم ضرب من التكلف، وأنه لا فائدة منه، وأنه من التكلم بمحض الرأي المنهي عنه وينعى على البقاعي وغيره عنايتهم بهذا العلم: وفيما يلي عرض لكلامه مع ردود إجمالية عليها:
يقول الشوكاني في مقدمة تفسيره معارضا لعلم المناسبة منكرا له ومنتقدا للمهتمين به: " اعلم أن كثيرا من المفسرين جاءوا بعلم متكلف وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة بل أوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه؛ وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب الموجود في المصاحف فجاءوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الإنصاف ويتنزه عنها كلام البلغاء فضلا عن كلام الرب سبحانه حتى أفردوا ذلك بالتصنيف وجعلوه المقصد الأهم من التأليف كما فعله البقاعي في تفسيره ومن تقدمه حسبما ذكر في خطبته " (١)
ونحن نوافق الشوكاني في أن التكلف منهي عنه في التفسير أو في غيره، وأنه لا يجوز التكلم بمحض الرأي المنهي عنه، فعلم المناسبات يحتاج إلى تدبر وتفكر لا إلى تكلف وتعسف، وهو علم لا بد منه ولا غنى عنه لأي مفسر، لأنه يعين على فهم المعنى والترجيح بين الآراء ومعرفة المقاصد العامة للآيات والسور وغير ذلك من فوائد، والمناسبة قد تكون واضحة جلية، وقد تحتاج إلى تأمل دقيق وتدبر عميق، فإذا خفيت المناسبة فلا ينبغي إنكارها ونفيها.
وقد قيل:
وإذا لم تر الهلال فسلم لأناس رأوه بالأبصار
ويتساءل الشوكاني: كيف نطلب للآيات مناسبات وقد نزلت منجمة حسب الأحداث
فلا تناسب بينها إذاًَََََ؟