وقد قمت بالرد عليه في هذا البحث مع مناقشة أهم القضايا التي أثارها فبينت فوائد وثمرات دراسة علم المناسبات هذا العلم النافع الذي يتبين لنا من خلاله وجه من وجوه إعجاز القرآن الكريم: وذلك من حيث تناسب آياته وتناسق سوره، فالقرآن الكريم وحدة موضوعية واحدة وآياته وسوره بناء واحد
كالدر يزداد حسنا وهْوَ منتظم وليس ينقص قدرا غير منتظم
هذا فضلا عن بيان المعاني وثرائها وجلاء المقاصد أمام المفسرين الذي لا عن لهم عنه.
ولقد تميز القرآن المجيد بهذا النظم الفريد، وهذا السبك النضيد، وهذا التصريف العجيب، وهذا الثراء في الأساليب، والانتقال من موضوع إلى موضوع ومن حكمة إلى حكمة ومن قصة إلى قصة ومن مثل إلى مثل، دون أن يؤدي ذلك إلى اضطراب أو خلل، أو فتور أو ملل، أو تناقض أو اختلاف، بل تناسق وائتلاف، مراعاة لطبيعة النفوس وتيسيرا على القراء وتبصرة وتذكرة لأولي الألباب، هذا مع نزوله منجما - حسب الحوادث والنوازل - على غير ما هو معهود في الكتب السابقة التي نزلت جملة واحدة: فجمع بذلك بين سمات عديدة ليست موجودة في الكتب السابقة: نزوله جملة حسب الحكمة، ونزوله متفرقا حسب الأحداث وما يقتضيه التشريع من تدرج في الأحكام، فضلا عن هذا الترتيب البديع.
مائدة عامرة زاخرة، وحدائق غناء ناضرة، مزهرة مثمرة، تسر الأعين الناظرة، قد تشابكت أغصانها وتعانقت أزهارها وتآلفت أطيارها وأينعت ثمارها، وامتزجت جداولها وانتظمت دررها واتسقت جواهرها في عقد فريد وسلك نضيد.
والناظر في تفسير الشوكاني يشهد فيه نماذج عديدة ومتنوعة للمناسبات بين الآيات حيث أبرز العديد من وجوه الصلة بين الآيات منها:
الاستئناف البياني
الاستئناف التقريري
التفنن في الكلام ونقله من أسلوب إلى أسلوب
التضاد: وهو الجمع بين المعنى وضده كالجمع بين الترغيب والترهيب
إلحاق النتائج بالمقدمات..


الصفحة التالية
Icon