شامل لكل الذرات. فكأن (محيط) يتلو عليهم: لاتنفذون من أقطار السموات والأرض، (فأينما تولوا فثمَّ وجه الله). (١)
وأما تعلق "الباء" فرمز الى انهم وقعوا فيما هربوا عنه فصاروا هدفا للسهام.
وأما التعبير بالكافرين فاشارة الى اراءة تمثال الممثل - أعني المنافقين - في مرآة التمثيل، لئلا يتوغل فيه ذهن السامع فينسى المقصد.. ورمز الى ان المشابهة وصلت الى درجة، وتضايق المسافة بينهما الى حدّ يتراءيان معا، فتمتزج الحقيقة بالخيال.. وأيضاً ايماء الى ظلمة قلوبهم اذ وجدانهم أيضاً يعذبهم لقصورهم وجنايتهم؛ اذ من رأى جزاء جنايته لايستريح وجدانه.
وأما هيئات جملة: (يكاد البرق يخطف أبصارهم) فاستينافها يشير الى ان السامع يقول: ألا ينتفعون بالبرق المخفف لبلاء الظلمة عنهم؟ فأُجيبَ بأنهم يخافون من الضرر فضلاً عن الفائدة.
وأما (يكاد) (٢) فيشير باعتبار خاصته المشهورة الى وجود سبب زوال البصر لكن لم يزل لوجود مانع.
وأما (يخطف) باعتبار استعماله كاختطفته الغُول والعُقاب ففيه بلاغة لطيفة تبرق للذهن وتشير الى ان البرق يسابق شعاع العين من قبل ان يصل الى الأشياء ليأخذ صورها يمرّ هو عليه فيقطعه ويضرب على جفنه فيذهب بنوره. كأن نور العين لما خرج من بيته مسرعاً لأجتناء صور الأشياء يسارع البرق الذي هو شعاع عين الليل، فيأخذ من يد شعاع العين صورته قبل ايصاله الى المخزن، أي يختلس البرق صورته من يده.
وأما (أبصارهم) فرمز - بناء على كونها مرآة للقلوب - الى عمل بصائر المنافقين المتعامية عن البراهين القاطعة القرآنية.
وأما هيئات جملة (كلما أضاء لهم مشوا فيه واذا اظلم عليهم قاموا) فاستينافها يشير الى ان السامع حينما رأى اختلاف المصيبة وتغيرها سأل عن شأنهم في الحالتين فأجيب بذلك.
(١) سورة البقرة: ١١٥.
(٢) كاد من افعال المقاربة وضعت لمقاربة الخبر من الوجود لعروض سببه، لكنه لم يوجد إما لفقد شرط او لعروض مانع (ب).