قيل لك: ان تحت الأرض عبارة عن مركزها، اذ تحت الكرة مركزها. وقد ثبت في نظريات الحكمة ان في مركزها ناراً بالغة في الشدة الى مقدار مائتي الف درجة. اذ كلما تحفر الأرض ثلاثة وثلاثين ذراعا بذراع التجار تتزايد تقريبا درجة حرارة. فإلى المركز تصير تقريبا مائتي الف درجة. فهذا النظريّ مطابق لمآل الحديث الذي يقول انها أشد من نار الدنيا بمائتي درجة. وأيضاً في الحديث ان قسماً من تلك النار زمهرير تحرق ببرودتها ١. وهذا الحديث مطابق لهذا النظري؛ اذ النار المركزية مشتملة على المراتب النارية كلها الى السطح. وقد تقرر في الحكمة الطبيعية ان للنار مرتبة تجذب دفعةً حرارة مجاورها فتحرقه بالبرودة وتصير الماء جَمَداً.
فان قلت: ما في جوف الأرض ومظروفها صغير فكيف تسع جهنم التي تسع السموات والارض؟
قيل لك: نعم باعتبار المِلك والمطويتية وان كانت مظروفة للأرض لكن بالنظر الى العالم الأُخروي بالغة في العظمة الى درجة تسع الُوفا من أمثال هذه الأرض. بل ان عالم الشهادة كحجاب مانعٍ لارتباط تلك النار بسائر أغصانها. فما في جوف الأرض الاّ مركزها وسرّها أو قلب عفريتها. وأيضاً لا تستلزم التحتية اتصالها بالأرض، اذ شجرةُ الخلقةِ اثمرتْ أغصانُها الشمسَ والقمرَ والنجومَ وأرضَنا وأرضينَ أخرى. فما تحت الثمرة يشمل ما بينَ الأغصان اين كان. فمُلك الله تعالى واسع، وشجرة الخلقة منتشرة فأينَ سافرتْ جهنمُ لا تُرَدُّ. وفي حديثٍ (اِنَّ جَهَنَّمَ مَطْوِيَّةٌ) فيمكن ان تكون بيضة لأرضنا الطيارة متى يمتزق حجاب الملك ينفتق تلك البيضة وتتظاهر هي كاشرةً أسنانَها لأهلِ العصيان. ويحتمل ان ماشبط ٢ أهل الاعتزال وأوقعهم في الغلط بعدم وجودها الآن انما هو هذه المطويتية.
٢ الاظهر: شيط.