طابت" وكذا اذا وقع في قلب أحد اختلالٌ، تخرب في قلبه الكمالاتُ وتتساقط الحسيات العالية، فيتولد فيه ميل التخريب فينتج له لذة في التخريب فيتحرى لذته في الافساد والاختلال.
- فان قلت: كيف يؤثر فساد فاسق في عموم الأرض المشار اليه بلفظ في الأرض؟
قيل لك: الذي فيه نظام ففيه موازنة، حتى ان النظام مبني على الموازنة فتداخل شئ حقير بين دواليب ماكينة تتأثر به، وان لم يُحس. والميزان الذي في كفتيه جبلان يتأثر بوضع جوزة على كفة..
وأما جملة (اولئك هم الخاسرون) فاعلم! ان حق العبارة "هم خاسرون في عدم الهداية به " فلفظ "اولئك" ولفظ "هم" والتعريفُ والاطلاقُ لنكت:
أما (اولئك) فلأن وضعه لإِحضار محسوسٍ، فالإِحضار المستفاد منه اشارة الى ان السامع اذا سمع حالهم الخبيثة من شأنه ان يحصل له حدّة عليهم ونفرة منهم. فلتطمين نفرته وتشفّي حدّته يطلب أن يستحضروا إلى خياله ليشاهدهم وقت اتصافهم بالعاقبة الوخيمة.. والمحسوسية اشارة الى أن أوصافهم الرذيلة تكثرت بدرجة تجسمهم محسوسين نصب نظر النفرة. فمن الإِشارة ايماء إلى علة الحكم بالخسارة.. والبعدية إشارة إلى أنهم قد بعدوا عن طريق الحق بدرجة لايرجعون فيستحقون الذم والتشنيع بخلاف من كان في معرض الندامة ومسافة الرجوع.. و (هم) اشارة الى ان الخسارة منحصرة عليهم حتى ان خسارات المؤمنين لبعض اللذائذ الدنيوية ليست خسارة. وكذا خسارات أهل الدنيا في تجاراتهم ليست خسارة بالنسبة إلى خساراتهم.. والألف واللام اشارة الى تصوير الحقيقة أي من أراد أن يرى حقيقة الخاسرين فلينظر اليهم.. وكذا ايماء الى أن مسلكهم محض خسارة لا كالخسارات الأخر التي فيها وجوه من النفع لكن الضر أكثر. فالتعريف اما للكمال أو للبداهة أو لتصوير الحقيقة.. واطلاق الخسارة اشارة باعانة المقام الخطابيّ الى عموم أنواع الخسارات. أي خسروا في وفاء العهد بالنقض، وفي صلة الرحم بالقطيعة، وفي الاصلاح بالإِفساد، وفي الايمان بالكفر، وبالشقاوة خسروا السعادة الأبدية..
* * *