والآخر: ان الجملة الأولى تدل على القدرة الكاملة وهذه على العلم الشامل.
أما نظم هيئآت جملة جملة: ففي الجملة الأولى الاستيناف وتعريف الجزئين وتعريف الخبر ولام "لكم" وتقديم "لكم" ولفظ "في" ولفظ "جميعا":
أما الاستيناف فإشارة إلى أسئلة مقدرة وأجوبة قد نبهت عليها في الاوجه الخمسة لنظم الجملة الأولى.. وأما تعريف الجزئين ١ فاشارة الى التوحيد والحصر الذي هو دليل على الحصر في تقديم "اليه" في (ثم اليه ترجعون).. وأما تعريف الخبر فاشارة الى ظهور الحكم ٢.. وأما لام النفع في (لكم) فاشارة الى أن الأصل في الأشياء الاباحة وانما تعرض الحرمة للعصمة: كمال الغير. أو للحرمة: كلحم الآدميّ. أو للضرر: كالسم. أو للاستقذار: كبلغم الغير. أو للنجاسة: كالميتة.. وكذا رمز الى وجود النفع في كل شئ، وان للبشر ولو بجهة من الجهات استفادة ولو بنوع من الأنواع ولو في أحقر الأشياء ولا أقل من نظر العبرة، وكذا ايماء الى انه كم من خزائن للرحمة مكنوزة في جوف الأرض تنتظر أبناء المستقبل.. وأما تقديم (ولكم) فاشارة الى أن جهة استفادة البشر أقدم الغايات وأولاها وأولها.. وأما (ما) المفيدة للعموم فللحث على تحرِّي النفع في كل شئ.. وأما (في الأرض) بدل "على الأرض" مثلا، فاشارة الى وجود أكثر المنافع في بطن الأرض، وكذا تشجيع على تحرِّي ما في جوفها.. ويدل تدرج البشر في الاستفادة من معادن الأرض وموادها على انه يمكن أن يكون في ضمنها مواد وعناصر تخفف عن كاهل أبناء الاستقبال ضغطَ تكاليف الحياة من الغذاء وغيره.. واما (جميعا) فلرد الأوهام في عبثية بعض الأشياء.
وأما (ثم) في الجملة الثانية فاشارة الى سلسلة من أفعاله تعالى وشؤونه بعد خلق الأرض إلى تنظيم السماء.. وكذا رمز الى تراخي رتبة التنظيم في نفع البشر عن خلقة الأرض.. وكذا ايماء الى تأخره عنها. واما (استوى) ففيه ايجاز، أي: أراد أن يسوّي.. وكذا فيه مجاز أي كمن يسدد قصده الى شئ لا ينثني يمنةً ويسرةً. و (الى السماء) أي الى مادتها وجهتها. واما فاء (فسويهن) فبالنظر الى جهة

١ "هو ": مبتدأ، و "الذى " مع صلته: خبر (ت: ٢٢١)
٢ حيث ان اصل الخبر نكرة، الاّ ان مجيئه معرفةً اشارة الى ظهور الحكم، وهو: ان الله خالق الارض بما فيها. وهو امر معلوم ظاهر (ت: ٢٢١).


الصفحة التالية
Icon