او بأي آية اخرى من الايات المشروحة في ذلك التفسير وبعد ذلك طالع في عين هاتيك الآيات السالفة الذكر سائر التفاسير، ثم ليتكلم ضميرُك الحر المطلق من قيد التعصب.
خلاصة القول: ان في عباراته عذوبة وحلاوة وطلاوة بديعة وتدقيقاً خارقاً جداً في تحليل آي الوحي المنزّل. انه بين جهة مناسبة الآيات بعضها ببعض، وتناسب الجمل وتناسقها، وكيفية تجاوب هيآت الجمل وحروفها حول المعني لمراد معتمداً في ذلك على أدق قواعد علم البلاغة وعلى اصول النحو والصرف وقوانين المنطق ودسابير علم اصول الدين وسائر ما له علاقة بذلك من مختلف العلوم. حتى انه ليبحث عن اخفى مناسبات البلاغة الذي لا يكشف عادة بالمجهر المعنوي المركز في الدماغ البشري.
واعجب من الكل انه وجد ذلك التدقيق البالغ والبحث العميق حينما كان ينصب ويتقاطر على المؤلف من جهاته الاربع شابيب رصاص بنادق الجيوش السوفيتية، فكان الاستاذ يناضل ويطلق بندقيته في صدور الاعداء من جهة ويضع في مصنع دماغه قنبلة اعجاز القرآن الذرية ليحطم بها بنيان الكفر والضلال من جهة اخرى فيا سبحان الله من ذكاء الهي خارق، مجهز ببطولة عجيبة وثبات قلب زائد. ان ذلك الوقت العصيب والموقف الرهيب لم يُدهش المؤلف ولم يُذهِل فكره الثاقب عن الجولان في مناحي اعجاز القرآن المبين. وها نحن تلامذة رسائل النور يسرنا ان نضع هذا الكتاب بين يدي الانسانيين من البشر ليدرس دراسة مجردة عن الاغراض بعيدة عن الاهواء والتعصب الذميم. ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد. والله أسأل ان ينفع به الناس ويهديهم سواء السبيل.
الشيخ صدر الدين يوكسل البدليسي
١٣٧٨هـ