النخل مع وجودها عندهم يومئذ ويدل عليه قول النبي ص - الخمر من هاتين الشجرتين وهو أصح إسنادا من الأخبار التي ذكر فيما أن الخمر من خمسة أشياء فنفى بذلك أن يكون ما خرج من غيرهما خمرا إذ كان قوله الخمر من هاتين الشجرتين اسما للجنس مستوعبا لجميع ما يسمى بهذا الاسم فهذا الخبر معارض ما روي من أن الخمر من خمسة أشياء وهو أصح إسنادا منه ويدل عليه انه لا خلاف أن مستحل الخمر كافر وأن مستحل هذه الأشربة لا تلحقه سمة الفسق فكيف بأن يكون كافرا فدل ذلك على أنها ليست بخمر في الحقيقة ويدل عليه أن خل هذه الأشربة لا يسمى خل خمر وأن خل الخمر هو الخل المستحيل من ماء العنب الني المشتد فإذا ثبت بما ذكرنا انتفاء اسم الخمر عن هذه الأشربة ثبت أنه ليس باسم لها في الحقيقة وأنه إن ثبت تسميتها باسم الخمر في حال فهو على جهة التشبيه بها عند وجود السكر منها فلم يجز أن يتناولها إطلاق تحريم الخمر لما وصفنا من أن أسماء المجاز لا يجوز دخولها تحت إطلاق أسماء الحقائق فينبغي أن يكون قوله الخمر من خمسة أشياء محمولا على الحال التي يتولد منها السكر فسماها باسم الخمر في تلك الحال لأنها قد عملت عمل الخمر في توليد السكر واستحقاق الحد ويدل عليه أن هذه التسمية إنما تستحقها في حال توليدها السكر قول عمر الخمر ما خامر العقل وقليل النبيذ لا يخامر العقل لأن ما خامر العقل هو ما غطاه وليس ذلك بموجود في قليل ما أسكر كثيره من هذه الأشربة وإذا ثبت بما وصفنا أن اسم الخمر مجاز في هذه الأشربة فلا يستعمل إلا في موضع يقوم الدليل عليه فلا يجوز أن ينطوي تحت إطلاق تحريم الخمر ألا ترى أنه ص - قد سمى فرسا لأبي طلحة ركبة لفزع كان بالمدينة فقال وجدناه بحرا فسمى الفرس بحرا إذ كان جوادا واسع الخطو ولا يعقل بإطلاق اسم البحر الفرس الجواد وقال النابغة للنعمان بن المنذر... فإنك شمس والملوك كواكب... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
... ولم تكن الشمس اسما له ولا الكواكب اسما للملوك فصح بما وصفنا ان اسم الخمر لا يقع على هذه الأشربة التي وصفنا وأنه مخصوص بماء العنب الني المشتد حقيقة وإنما يسمى به غيرها مجازا والله أعلم
باب تحريم الميسر
قال الله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير قال أبو بكر دلالته