تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا فإنما أمر الله نبيه ص - أن يطلقهن إذا اخترن الدنيا ولم يوجب ذلك وقوع طلاق باختيارهن كما يقول القائل لامرأته إن اخترت كذا طلقتك يريد به استئناف إيقاع بعد اختيارها لما ذكره قال أبو بكر قد اقتضت الآية لا محالة تخييرهن بين الفراق وبين النبي ص - لأن قوله وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة قد دل على إضمار اختيارهن فراق النبي ص - في قوله إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها إذ كان النسق الآخر من الاختيار هو اختيار النبي ص - والدار الآخرة فثبت أن الاختيار الآخر إنما هو اختيار فراقه ويدل عليه قوله فتعالين أمتعكن والمتعة إنما هي بعد اختيارهن للطلاق وقوله وأسرحكن إنما المراد إخراجهن من بيوتهن بعد الطلاق كما قال تعالى إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن إلى قوله سراحا جميلا فذكر المتعة بعد الطلاق وأراد بالتسريح إخراجها من بيته وقد اختلف السلف فيمن خير امرأته فقال علي رضي الله عنه إن اختارت زوجها فواحدة رجعية وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة وذلك في رواية زادان عنه وروى أبو جعفر عن علي أنها إذا اختارت زوجها فلا شيء وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة وقال عمرو وعبدالله رضي الله عنهما في الخيار وأمرك بيدك إن اختارت نفسها فواحدة رجعية وإن اختارت زوجها فلا شيء وقال زيد بن ثابت في الخيار إن اختارت زوجها فلا شيء وإن اختارت نفسها فثلاث وقال في أمرك بيدك إن اختارت نفسها فواحدة رجعية واختلف فقهاء الأمصار في ذلك أيضا فقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر ومحمد إن اختارت زوجها فلا شيء وإن اختارت نفسها فواحدة بائنة إذا أراد الزوج الطلاق ولا يكون ثلاثا وإن نوى وقالوا في أمرك بيدك مثل ذلك إلا أن ينوي ثلاثا فيكون ثلاثا وقال ابن أبي ليلى والثوري والأوزاعي في الخيار إن اختارت زوجها فلا شيء وإن اختارت نفسها فواحدة يملك بها الرجعة وقال مالك في الخيار إنه ثلاث إذا اختارت نفسها وإن طلقت نفسها واحدة لم يقع شيء وقال في أمرك بيدك إذا قالت أردت واحدة فهي واحدة يملك الرجعة ولا يصدق في الخيار أنه أراد واحدة ولو قال اختاري تطليقة فطلقت نفسها فهي واحدة رجعية وقال الليث في الخيار إن اختارت زوجها فلا شيء وإن اختارت نفسها فهي بائنة وقال الشافعي في اختاري وأمرك بيدك ليس بطلاق إلا أن