قال أبو منصور: الذى قرأ به الحضرمي جيد في باب النحو والعربية
صحيح، والذى قرأ به القراء جيد عند حُذَاق النحويين.
وكان أبو حاتم السجستاني يُوهِّن هذه القراءة التي اجتمع عليها القراء، ويضغفها - وغَلِطَ فيما ذهب وهمه إليه.
وأخبرني المنذري عن أبي العباس أحمد بن يَحيَى أنه قال في قوله:
(وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ) هذه الباء التي تدخل للجَحد؛ لأنَّ المجحودُ
في المعنى، وإن كان قد حال بينهما بأن المعنى: أولم يروْا أن الله قادر على أن يحيى الموتى - فإن اسم (يروْا)، ومابعدها في صلتها لا تدخل فيه الباء، ولكن معناه جحدٌ فَدخَلَت للمعنى -
قال: وقال الفراء والكسائي. يقال: ما ظننتُ إن زيدًا إلا قائم،
وما ظننت إن زيدًا قائم - فهذا مذهب الكسائي والفراء.
قال أبو منصور: وأجاز سييويه، وأبو العباس المبرد، وأبو إسحاق
الزجاج، وأحمد ين يَحيَى ما أنكره السجستاني، وهُم أعلم بهذا الباب منه،
والقراء أكثرهم على هذه القراءة -
أنشد الفرَّاء في مثل هذه الباء:

فما رَجَعَتْ بخَائِبَةٍ رِكابٌ حكيمُ بنُ المُسَيَّب مُنْتَهاها
فأدخل الباء في (فَعَل) لو ألقيت نُصبَ بالفعل لا بالباء.
قال: ويقاس على هذا ما أشيهه. قال: وتقول: ما أظنك بقائم،
وما أظن أنك بقائم.
فإذا خَلَغت الباء نَصَبْتَ الذى كانت له بما تعمل فيه من الفعل.
* * *


الصفحة التالية
Icon