وقال الفرَّاء: مَنْ قَرَأَ (أمَنْ هُوَ قَانِت) مخففًا فمعناه: يا من هو قانت.
قال: والعرب تدعو بألف كما يدعو بياء، فيقولون: يا زيدُ أقبِلْ، أزيدُ أقْبِل.
وأنشد:
أبَني لُبَيْنَى لَسْتُما بِيَدٍ | إلاَّ يَداً ليسَتْ لها عَضُدُ |
قال: وهو كثير في الشعر.
قال الفرَّاء: فيكون المعنى مردودًا بالدعاء كالمنسوق؛ لأنه ذكر الناسي الكافر ثم قَصَّ قِصة الصالح بالنداء، كما تقول في كلام: فلان لا يصوم ولايصلي، فَيَا مَن يَصوم ويصلي أبشر.
فهذا هو معناهُ والله أعلم.
قال: وقد يكون الألف استفهامًا بتأويل (أمْ) ؛ لأن
العرب قد تضع (أم) في موضع الألف إذا سبقها كلام.
قال: ومن قرأها بالتشديد فإنه يريد معنى الألف.
وهو الوجه. فإن قال قائل: فأين جواب (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ) فقد تبين في سِياق الكلام أنه مُضْمر قد جرى معناه في أول الكلمة إذْ ذكر الضال ثم المهتدي بالاستفهام، فهو دليل على أنه يريد: أهذا مثل هذا؟، أو: هذا أفضل أم هذا؟.
ومثل هذا كثير في القرآن، وفي كلام العرب.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَبَشِّرْ عِبَادِي)