................................
(١) قَالَ ابْنُ زَنْجَلَةَ:
أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى ٣٥
قرأ نافع أمن لا يهدي بإسكان الهاء وتشديد الدال الأصل يهتدي فأدغمت التاء في الدال وتركت الهاء ساكنة كما كانت
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وورش أمن لا يهدي بفتح التاء والهاء وتشديد الدال والأصل يهتدي فأدغموا التاء في الدال وطرحوا فتحتها على الهاء واحتجوا بقراءة عبد الله أمن
لا يهتدي وكان ابن عباس يقول إن محمد صلى الله عليه دعا قومه إلى دين الله وأرشدهم إلى طاعته فعصوه وهو أحق أن يتبع أم من لا يهتدي إلا أن يهدى أي يرشده غيره
قرأ حمزة والكسائي أمن لا يهدي ساكنة الهاء خفيفة الدال وحجتهما في ذلك أن يهدي في معنى يهتدي تقول هديت غيري وهديت أنا على معنى اهتديت قال الفراء العرب تقول هدى واهتدى بمعنى واحد وهما جميعا في أهل الحجاز وسمع أعرابي فصيح يقول إن السهم لا يهدي إلا بثلاث قذذ أي لا يهتدي
قرأ عاصم في رواية أبي بكر أمن لا يهدي بكسر الياء والهاء أراد يهتدي فأدغم التاء في الدال فالتقى ساكنان فكسر الهاء لالتقاء الساكنين وكسر الياء لمجاورة الهاء وأتبع الكسرة الكسرة
وقرأ حفص أمن لا يهدي يفتح الياء وكسر الهاء في الجودة كفتح الهاء في الجودة والهاء مكسورة لالتقاء الساكنين
ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ٤٥
قرأ حفص ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا بالياء إخبار عن الله وقرأ الباقون بالنون الله يخبر عن نفسه
آلآن وقد كنتم به تستعجلون ٥١
قرأ نافع آلان بفتح اللام وإسقاط الهمزة نقل فتح الهمزة إلى اللام كما قرأ ورش الأرض ألاخرة وقرأ إسماعيل عن نافع آلان بإسكان اللام وبه قرأ الباقون على أصل الكلمة
فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ٥٨
قرأ يعقوب في رواية رويس فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون بالتاء فيهما
اعلم أن كل أمر للغائب والحاضر لابد من لام تجزم الفعل كقولك ليقم زيد لينفق ذو سعة وكذلك إذا قلت قم واذهب فالأصل لتقم ولتذهب بإجماع النحويين فتبين أن المواجهة كثر استعمالهم لها فحذفت اللام اختصارا وإيجازا واستغنوا ب افرحوا عن لتفرحوا وب قم عن لتقم فمن قرأ بالتاء فإنما قرأ على الأصل وجته أنها عن النبي ﷺ عن أبي بن كعب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمرت أن أقرأ عليك قال قلت وقد سماني ربك قال نعم قال فقرأ علي يعني النبي صلى الله عليه قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون بالتاء وقد روي عن النبي صلى الله عليه
أنه قال لتأخذوا مصافكم أي خذوا مصافكم فهذا أمر المواجهة
وقرأ ابن عامر خير مما تجمعون بالتاء أي تجمعون أنتم من أعراض الدنيا
وقرأ الباقون فليفرحوا ويجمعون بالياء فيهما على أمر الغائب أي ليفرح المؤمنون بفضل الله أي الإسلام وبرحمته أي القرآن خير مما يجمعه الكافرون في الدنيا
وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ٦١
قرأ الكسائي وما يعزب بكسر الزاي وقرأ الباقون بالرفع وهما لغتان تقول عزب يعزب ويعزب مثل عكف يعكف ويعكف
قرأ حمزة ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالرفع فيهما رد على قوله من مثقال ذرة لأن موضع مثقال رفع قبل دخول من لأنها زائدة التقدير ما يعزب عن ربك مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين
قال الزجاج ويجوز رفعه من جهة أخرى على الابتداء ويكون المعنى ولا ما هو أصغر من ذلك ولا ما هو أكبر إلا في كتاب مبين
وقرأ الباقون ولاأصغر ولا أكبر بالفتح على معنى ما يعزب عن ربك من مثقال ذرة ولا مثقال أصغر من ذلك ولا أكبر والموضوع موضع خفض إلا أنه فتح لأنه لا ينصرف
وقال فرعون ائتنوني بكل سحر عليم ٧٩
قرأ حمزة والكسائي بكل سحار عليم وقرأ الباقون ساحر الألف قبل الحاء وقد ذكرنا الحجة في سورة الأعراف
قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله ٨١
قرأ أبو عمرو ما جئتم به آلسحر بالمد جعل ما بمعنى أي والتقدير أي شيء جئتم آلسحر هو استفهام على جهة التوبيخ لأنهم قد علموا أنه سحر فقد دخل استفهام على استفهام فلهذا يقف على قوله ما جئتم به ثم يبتدئ آلسحر بالرفع وخبره محذوف المعنى الحسر هو
وقرأ الباقون ما جئتم به السحر وما على هذه القراءة في معنى الذي جئتم به السحر والذي ابتداء والسحر خبر الابتداء كما تقول الذي مررت به زيد
ربنا ليضلوا عن سبيلك ٨٨
قرأ أهل الكوفة ليضلوا بضم الياء أي ليضلوا غيرهم وحجتهم في ذلك أن ما تقدم من وصف فرعون بما وصف أنه بذلك ضال غير مهتد فكان وصفه بعد ذلك بأنه مع ذلك مضل لغيره ويزيد الكلام فائدة ومعرفة ما لم يكن مذكورا فيما تقدم من وصفه
وقرأ الباقون ليضلوا بفتح الياء أي ليضلوا هم وحجتهم قوله إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وقد ضلوا
قال قد أجيبت دعوتكم فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ٨٩
قرأ ابن عامر ولا تتبعان بتخفيف النون المعنى فاستقيما وأنتما لا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون وهو الذي يسميه بعض أهل العربية الحال والمعنى فاستقيما غير متبعين سبيل الذين لا يعلمون
وقرأ الباقون بالتشديد ولا تتبعان بالتشديد موضع تتبعان جزم إلا أن النون الشديدة دخلت للنهي مؤكدة وكسرت لسكونها وسكون النون التي قبلها واختير له الكسر لأنها بعد الألف وهي تشبه نون الاثنين
قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ٩٠
قرأ حمزة والكسائي قال آمنت إنه بكسر الألف وحجتهما أن كلام متناه عند قوله آمنت وأن الإيمان وقع على كلام محذوف نظير قوله ربنا إننا آمنا فاكتبنا ولم يذكر ما وقع الإيمان عليه وتقديره آمنت بما كنت به قبل اليوم مكذبا ثم استأنف إنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل
وقرأ الباقون آمنت أنه بالفتح على تقدير آمنت بأنه فلما سقط الخافص عمل الفعل فنصب
ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين ١٠٣
قرأ الكسائي وحفص كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين خفيفة وقرأ الباقون بالتشديد وهما لغتان تقول أنجى ينجي ونجى ينجي مثل كرم وأكرم وعظم وأعظم وحجة من شدد هي أن أكثرهم أجمعوا على تشديد قوله ثم ننجي رسلنا فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه وحجة من خفف قوله ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين وقول فمهل الكافرين ثم قال أمهلهم رويدا فجمع بينهما لمعنى واحد
١١ - سورة هود
ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله ٢٥ و٢٦
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي أني لكم نذير بفتح الألف المعنى ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه بالإنذار أن لا تعبدوا إلا الله أي أرسلنا بهذا الأمر
وقرأ الباقون بالكسر المعنى قال لهم إني لكم نذير وحجتهم قوله قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله لما أظهر القول ها هنا كان إضماره هناك أولى لأن القصة واحدة ومانراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ٢٧
قرأ أبو عمرو بادئ الرأي بالهمز أي ابتداء الرأي أي اتبعوك ابتداء الرأي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه ولو تفكروا وتدبروا لم يتبعوك
وقرأ الباقون بادي بغير همز من بدا يبدو إذا ظهر ويكون التفسير على نوعين في هذه القراءة أحدهما أن يكون اتبعوك في الظاهر وباطنهم على خلاف ذلك أي أنهم أظهروا الإسلام وابطنوا الكفر ويجوز أن يكون اتبعوك في ظاهر الراي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه
قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم ٢٨
قرأ حمزة والكسائي وحفص فعميت عليكم بضم العين وتشديد الميم أي أخفيت كما يقال عميت عليه الأمر حتى لا يبصره وحجتهم في حرف عبد الله فعماها عليكم وقيل إن في مصحف أبي فعماها عليكم فبان بما في حرف مصحف أبي أن الفعل مسند إلى الله وأنه هو الذي عماها فردت في قراءتنا إلى ما لم يسم فاعله والمعنى واحد والعرب تقول عمي على الخبر وهي مع ذلك ليس الفعل لها في الحقيقة وإنا استجازوها على مجاز كلام العرب فإذا ضممت العين كانت مفعولا بها غير مسمى فاعلها فاستوى حينئذ الكلام فلم يحتج إلى مجاز كلام العرب وترك المجاز إذا أمكن تركه أحسن وأولى وأخرى وهي أن ذلك أتى عقيب قوله وآتاني رحمة من عنده وذلك خبر من نوح أن الله تعالى خصه بالرحمة التي
آتاها إياه فكذلك قوله فعميت خبر عن الله أنه هو الذي خذل من كفر به
قرأ أهل الحجاز والشام والبصرة وأبو بكر فعميت بفتح العين وتخفيف الميم أي فعميت البينة عليكم وحجتهم أن التي في القصص لم يختلف فيها مفتوحة العين قال الله تعالى فعميت عليهم الأنباء فهذه مثلها فكما يقال خفي علينا الخبر يقال عمي علي الأمر وهذا مما حولت العرب الفعل إليه وهو لغيره كقولهم دخل الخاتم في إصبعي والخف في رجلي ولا شك أن الرجل هي التي تدخل في الخف والإصبع في الخاتم
قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين ٤٠
قرأ حفص عن عاصم من كل زوجين منونا أراد من كل شيء فحذف كما حذف من قوله ولكل وجهة أي ولكل صاحب ملة قبلة هو موليها لأن كلا وبعضا يقتضيان مضافا إليهما قوله زوجين على هذه القراءة مفعول به واثنين وصف له وتقدير الكلام قلنا احمل فيها زوجين اثنين من كل شيء أي من كل جنس ومن كل الحيوان
وقرأ الباقون من كل زوجين مضافا واثنين نصب على أنه مفعول به المعنى فاحمل اثنين من كل زوج
بسم الله مجرها ومرسها ٤١
قرأ حمزة والكسائي وحفص باسم الله مجرها بفتح الميم وكسر الراء من جرت السفينة جريا ومجرى وقالوا إن معنى ذلك بسم الله حين تجري وحجتهم قوله بعدها وهي تجري بهم في موج كالجبال ٤٢ ولم يقل وهي تجري فهذا أول دليل على صحة معنى مجراها بفتح الميم وإسناد إلى السفينة في اللفظ والمعنى
وقرأ الباقون مجراها ومرساها بضم الميمين أي بالله إجراؤها وبالله إرساؤها يقال أجريته مجرى وإجراء في معنى واحد وهما مصدران وحجتهم إجماع الجميع على ضم الميم في مرساها فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
يا بني اركب معنا ٤٢
قرأ عاصم يا بني اركب بفتح الياء وقرأ الباقون بالكسر
قال الزجاج كسرها من وجهين أحدهما أن الأصل يا بنيي والياء تحذف في النداء أعني ياء الإضافة وتبقى الكسرة تدل عليها ويجوز أن تحذف الياء لسكونها وسكون الراء من قوله اركب وتقر في الكتاب على ما هي في اللفظ والفتح من جهتين الأصل يا بنيا بالألف فتبدل الألف من ياء الإضافة العرب تقول يا غلاما أقبل ثم تحذف الألف لسكونها وسكون الراء وتقر في الكتاب على ما هي في اللفظ ويجوز أن أن تحذف الألف للنداء كا تحذف ياء الإضافة وإنما حذفت ياء الإضافة وألف الإضافة في النداء
كما تحذف التنوين لأن ياء الإضافة زيادة في الاسم كما أن التنوين زيادة
إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم ٤٦
قرأ الكسائي إنه عمل غير صالح بنصب اللام والراء وحجته حديث أم سلمة قالت قلت يا رسول الله كيف أقرأ عمل غير صالح أو عمل غير صالح فقال عمل غير صالح بالنصب فالهاء في هذه القراءة عائدة على ابن نوح لأنه جرى ذكره قبل ذلك فكني عنه
وكان بعض أهل البصرة ينكر هذه القراءة فاحتج لذلك بأن العرب لا تقول عمل غير حسن حتى تقول عمل عملا غير حسن وقد ذهب عنه وجه الصواب فيما حكاه لأن القرآن نزل بخلاف قوله قال الله تعالى ومن تاب وعمل صالحا معناه ومن تاب وعمل عملا صالحا وقال واعملوا صالحا ولم يقل عملا وقال في موضع آخر إلا
أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى ٣٥
قرأ نافع أمن لا يهدي بإسكان الهاء وتشديد الدال الأصل يهتدي فأدغمت التاء في الدال وتركت الهاء ساكنة كما كانت
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وورش أمن لا يهدي بفتح التاء والهاء وتشديد الدال والأصل يهتدي فأدغموا التاء في الدال وطرحوا فتحتها على الهاء واحتجوا بقراءة عبد الله أمن
لا يهتدي وكان ابن عباس يقول إن محمد صلى الله عليه دعا قومه إلى دين الله وأرشدهم إلى طاعته فعصوه وهو أحق أن يتبع أم من لا يهتدي إلا أن يهدى أي يرشده غيره
قرأ حمزة والكسائي أمن لا يهدي ساكنة الهاء خفيفة الدال وحجتهما في ذلك أن يهدي في معنى يهتدي تقول هديت غيري وهديت أنا على معنى اهتديت قال الفراء العرب تقول هدى واهتدى بمعنى واحد وهما جميعا في أهل الحجاز وسمع أعرابي فصيح يقول إن السهم لا يهدي إلا بثلاث قذذ أي لا يهتدي
قرأ عاصم في رواية أبي بكر أمن لا يهدي بكسر الياء والهاء أراد يهتدي فأدغم التاء في الدال فالتقى ساكنان فكسر الهاء لالتقاء الساكنين وكسر الياء لمجاورة الهاء وأتبع الكسرة الكسرة
وقرأ حفص أمن لا يهدي يفتح الياء وكسر الهاء في الجودة كفتح الهاء في الجودة والهاء مكسورة لالتقاء الساكنين
ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ٤٥
قرأ حفص ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا بالياء إخبار عن الله وقرأ الباقون بالنون الله يخبر عن نفسه
آلآن وقد كنتم به تستعجلون ٥١
قرأ نافع آلان بفتح اللام وإسقاط الهمزة نقل فتح الهمزة إلى اللام كما قرأ ورش الأرض ألاخرة وقرأ إسماعيل عن نافع آلان بإسكان اللام وبه قرأ الباقون على أصل الكلمة
فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ٥٨
قرأ يعقوب في رواية رويس فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون بالتاء فيهما
اعلم أن كل أمر للغائب والحاضر لابد من لام تجزم الفعل كقولك ليقم زيد لينفق ذو سعة وكذلك إذا قلت قم واذهب فالأصل لتقم ولتذهب بإجماع النحويين فتبين أن المواجهة كثر استعمالهم لها فحذفت اللام اختصارا وإيجازا واستغنوا ب افرحوا عن لتفرحوا وب قم عن لتقم فمن قرأ بالتاء فإنما قرأ على الأصل وجته أنها عن النبي ﷺ عن أبي بن كعب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمرت أن أقرأ عليك قال قلت وقد سماني ربك قال نعم قال فقرأ علي يعني النبي صلى الله عليه قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون بالتاء وقد روي عن النبي صلى الله عليه
أنه قال لتأخذوا مصافكم أي خذوا مصافكم فهذا أمر المواجهة
وقرأ ابن عامر خير مما تجمعون بالتاء أي تجمعون أنتم من أعراض الدنيا
وقرأ الباقون فليفرحوا ويجمعون بالياء فيهما على أمر الغائب أي ليفرح المؤمنون بفضل الله أي الإسلام وبرحمته أي القرآن خير مما يجمعه الكافرون في الدنيا
وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ٦١
قرأ الكسائي وما يعزب بكسر الزاي وقرأ الباقون بالرفع وهما لغتان تقول عزب يعزب ويعزب مثل عكف يعكف ويعكف
قرأ حمزة ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالرفع فيهما رد على قوله من مثقال ذرة لأن موضع مثقال رفع قبل دخول من لأنها زائدة التقدير ما يعزب عن ربك مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين
قال الزجاج ويجوز رفعه من جهة أخرى على الابتداء ويكون المعنى ولا ما هو أصغر من ذلك ولا ما هو أكبر إلا في كتاب مبين
وقرأ الباقون ولاأصغر ولا أكبر بالفتح على معنى ما يعزب عن ربك من مثقال ذرة ولا مثقال أصغر من ذلك ولا أكبر والموضوع موضع خفض إلا أنه فتح لأنه لا ينصرف
وقال فرعون ائتنوني بكل سحر عليم ٧٩
قرأ حمزة والكسائي بكل سحار عليم وقرأ الباقون ساحر الألف قبل الحاء وقد ذكرنا الحجة في سورة الأعراف
قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله ٨١
قرأ أبو عمرو ما جئتم به آلسحر بالمد جعل ما بمعنى أي والتقدير أي شيء جئتم آلسحر هو استفهام على جهة التوبيخ لأنهم قد علموا أنه سحر فقد دخل استفهام على استفهام فلهذا يقف على قوله ما جئتم به ثم يبتدئ آلسحر بالرفع وخبره محذوف المعنى الحسر هو
وقرأ الباقون ما جئتم به السحر وما على هذه القراءة في معنى الذي جئتم به السحر والذي ابتداء والسحر خبر الابتداء كما تقول الذي مررت به زيد
ربنا ليضلوا عن سبيلك ٨٨
قرأ أهل الكوفة ليضلوا بضم الياء أي ليضلوا غيرهم وحجتهم في ذلك أن ما تقدم من وصف فرعون بما وصف أنه بذلك ضال غير مهتد فكان وصفه بعد ذلك بأنه مع ذلك مضل لغيره ويزيد الكلام فائدة ومعرفة ما لم يكن مذكورا فيما تقدم من وصفه
وقرأ الباقون ليضلوا بفتح الياء أي ليضلوا هم وحجتهم قوله إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وقد ضلوا
قال قد أجيبت دعوتكم فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون ٨٩
قرأ ابن عامر ولا تتبعان بتخفيف النون المعنى فاستقيما وأنتما لا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون وهو الذي يسميه بعض أهل العربية الحال والمعنى فاستقيما غير متبعين سبيل الذين لا يعلمون
وقرأ الباقون بالتشديد ولا تتبعان بالتشديد موضع تتبعان جزم إلا أن النون الشديدة دخلت للنهي مؤكدة وكسرت لسكونها وسكون النون التي قبلها واختير له الكسر لأنها بعد الألف وهي تشبه نون الاثنين
قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ٩٠
قرأ حمزة والكسائي قال آمنت إنه بكسر الألف وحجتهما أن كلام متناه عند قوله آمنت وأن الإيمان وقع على كلام محذوف نظير قوله ربنا إننا آمنا فاكتبنا ولم يذكر ما وقع الإيمان عليه وتقديره آمنت بما كنت به قبل اليوم مكذبا ثم استأنف إنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل
وقرأ الباقون آمنت أنه بالفتح على تقدير آمنت بأنه فلما سقط الخافص عمل الفعل فنصب
ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين ١٠٣
قرأ الكسائي وحفص كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين خفيفة وقرأ الباقون بالتشديد وهما لغتان تقول أنجى ينجي ونجى ينجي مثل كرم وأكرم وعظم وأعظم وحجة من شدد هي أن أكثرهم أجمعوا على تشديد قوله ثم ننجي رسلنا فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه وحجة من خفف قوله ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين وقول فمهل الكافرين ثم قال أمهلهم رويدا فجمع بينهما لمعنى واحد
١١ - سورة هود
ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله ٢٥ و٢٦
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي أني لكم نذير بفتح الألف المعنى ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه بالإنذار أن لا تعبدوا إلا الله أي أرسلنا بهذا الأمر
وقرأ الباقون بالكسر المعنى قال لهم إني لكم نذير وحجتهم قوله قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله لما أظهر القول ها هنا كان إضماره هناك أولى لأن القصة واحدة ومانراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ٢٧
قرأ أبو عمرو بادئ الرأي بالهمز أي ابتداء الرأي أي اتبعوك ابتداء الرأي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه ولو تفكروا وتدبروا لم يتبعوك
وقرأ الباقون بادي بغير همز من بدا يبدو إذا ظهر ويكون التفسير على نوعين في هذه القراءة أحدهما أن يكون اتبعوك في الظاهر وباطنهم على خلاف ذلك أي أنهم أظهروا الإسلام وابطنوا الكفر ويجوز أن يكون اتبعوك في ظاهر الراي ولم يتدبروا ما قلت ولم يفكروا فيه
قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم ٢٨
قرأ حمزة والكسائي وحفص فعميت عليكم بضم العين وتشديد الميم أي أخفيت كما يقال عميت عليه الأمر حتى لا يبصره وحجتهم في حرف عبد الله فعماها عليكم وقيل إن في مصحف أبي فعماها عليكم فبان بما في حرف مصحف أبي أن الفعل مسند إلى الله وأنه هو الذي عماها فردت في قراءتنا إلى ما لم يسم فاعله والمعنى واحد والعرب تقول عمي على الخبر وهي مع ذلك ليس الفعل لها في الحقيقة وإنا استجازوها على مجاز كلام العرب فإذا ضممت العين كانت مفعولا بها غير مسمى فاعلها فاستوى حينئذ الكلام فلم يحتج إلى مجاز كلام العرب وترك المجاز إذا أمكن تركه أحسن وأولى وأخرى وهي أن ذلك أتى عقيب قوله وآتاني رحمة من عنده وذلك خبر من نوح أن الله تعالى خصه بالرحمة التي
آتاها إياه فكذلك قوله فعميت خبر عن الله أنه هو الذي خذل من كفر به
قرأ أهل الحجاز والشام والبصرة وأبو بكر فعميت بفتح العين وتخفيف الميم أي فعميت البينة عليكم وحجتهم أن التي في القصص لم يختلف فيها مفتوحة العين قال الله تعالى فعميت عليهم الأنباء فهذه مثلها فكما يقال خفي علينا الخبر يقال عمي علي الأمر وهذا مما حولت العرب الفعل إليه وهو لغيره كقولهم دخل الخاتم في إصبعي والخف في رجلي ولا شك أن الرجل هي التي تدخل في الخف والإصبع في الخاتم
قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين ٤٠
قرأ حفص عن عاصم من كل زوجين منونا أراد من كل شيء فحذف كما حذف من قوله ولكل وجهة أي ولكل صاحب ملة قبلة هو موليها لأن كلا وبعضا يقتضيان مضافا إليهما قوله زوجين على هذه القراءة مفعول به واثنين وصف له وتقدير الكلام قلنا احمل فيها زوجين اثنين من كل شيء أي من كل جنس ومن كل الحيوان
وقرأ الباقون من كل زوجين مضافا واثنين نصب على أنه مفعول به المعنى فاحمل اثنين من كل زوج
بسم الله مجرها ومرسها ٤١
قرأ حمزة والكسائي وحفص باسم الله مجرها بفتح الميم وكسر الراء من جرت السفينة جريا ومجرى وقالوا إن معنى ذلك بسم الله حين تجري وحجتهم قوله بعدها وهي تجري بهم في موج كالجبال ٤٢ ولم يقل وهي تجري فهذا أول دليل على صحة معنى مجراها بفتح الميم وإسناد إلى السفينة في اللفظ والمعنى
وقرأ الباقون مجراها ومرساها بضم الميمين أي بالله إجراؤها وبالله إرساؤها يقال أجريته مجرى وإجراء في معنى واحد وهما مصدران وحجتهم إجماع الجميع على ضم الميم في مرساها فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه
يا بني اركب معنا ٤٢
قرأ عاصم يا بني اركب بفتح الياء وقرأ الباقون بالكسر
قال الزجاج كسرها من وجهين أحدهما أن الأصل يا بنيي والياء تحذف في النداء أعني ياء الإضافة وتبقى الكسرة تدل عليها ويجوز أن تحذف الياء لسكونها وسكون الراء من قوله اركب وتقر في الكتاب على ما هي في اللفظ والفتح من جهتين الأصل يا بنيا بالألف فتبدل الألف من ياء الإضافة العرب تقول يا غلاما أقبل ثم تحذف الألف لسكونها وسكون الراء وتقر في الكتاب على ما هي في اللفظ ويجوز أن أن تحذف الألف للنداء كا تحذف ياء الإضافة وإنما حذفت ياء الإضافة وألف الإضافة في النداء
كما تحذف التنوين لأن ياء الإضافة زيادة في الاسم كما أن التنوين زيادة
إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم ٤٦
قرأ الكسائي إنه عمل غير صالح بنصب اللام والراء وحجته حديث أم سلمة قالت قلت يا رسول الله كيف أقرأ عمل غير صالح أو عمل غير صالح فقال عمل غير صالح بالنصب فالهاء في هذه القراءة عائدة على ابن نوح لأنه جرى ذكره قبل ذلك فكني عنه
وكان بعض أهل البصرة ينكر هذه القراءة فاحتج لذلك بأن العرب لا تقول عمل غير حسن حتى تقول عمل عملا غير حسن وقد ذهب عنه وجه الصواب فيما حكاه لأن القرآن نزل بخلاف قوله قال الله تعالى ومن تاب وعمل صالحا معناه ومن تاب وعمل عملا صالحا وقال واعملوا صالحا ولم يقل عملا وقال في موضع آخر إلا