قال أبو منصور: مَنْ قَرَأَ (أمَرْنَا) مقصورًا فله وجهان:
أحدهما: أمرناهم بالطاعة ففسقوا فحق عليهم العذاب، وهو كقولك - أمرتُك فعَصيْتنى،
فقد عُلِم أن المعصية مخالفةُ الأمرِ، وكذلك الفسق: الخروج عن أمْرِ الله،
والوجه الثاني في (أمَرْنا) أنهُ بمعنى: كثرنا مترفيها، يقال آمَرهم الله،
وأمَرَهم، أي: كثرهم،
ورُوِى عن النبي صلى الله عليه أنه قال:
"خَيْرُ المِال سِكة مأبورة، أو مهرة مأمورة"
وهى كثيرة النتاج - ويقال: أمِرَ بنو فلانٍ يأمُرُون، إذا كثروا -
ومنه قول لبيد:

إن يُغْبَطُوا يُهبطُوا وإنْ أمِرُوا يوْمًا يَصيرُوا للهُلكِ والنكَدِ
ومن قَرأ (آمَرْنَا) بالمد فلا مَعْنَى له إلا أكثرنا، آمَرَ الله ماله فأمَر يأمُرُ -
وكان أبو عبيدة يقول: أمَرَ اللهُ ماله، وأمره بمعنى واحد.
وقوله (آمَرْنا مترفيها) يصلح أن يكون في شيئين:
أحدهما: كثرة عدد المترفين،
والآخر: كثير حُرُوثُهم وأموالهم.
وَمَنْ قَرَأَ (أمَّرْنا مترفيها) فمعناه: سلطنا مترفيها، أي: جعلنا لهم إمارة
وسلطانًا.
وأجود هذه الوجوه (أمَرْنَا) بقصر الألف على التفسير الأول، واللَّهُ أعلم.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ (٣٣)


الصفحة التالية
Icon