وكذلك ذكر في حم السجدة على هذا المنهاج الذي شرحنا فقال عز و جل حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فلولا أنه جعله / برهانا لم يكن بشيرا ولا نذيرا ولم يختلف بأن يكون عربيا مفصلا أو بخلاف ذلك
ثم أخبر عن جحودهم وقلة قبولهم بقوله تعالى فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ولولا أنه حجة لم يضرهم الإعراض عنه
وليس لقائل أن يقول قد يكون حجة ولكن يحتاج في كونه حجة إلى دلالة أخرى كما أن الرسول حجة ولكنه يحتاج إلى دلالة على صدقه وصحة نبوته
وذلك أنه إنما احتج عليهم بنفس هذا التنزيل ولم يذكر حجة غيره
ويبين ذلك أنه قال عقيب هذا قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي فأخبر أنه مثلهم لولا الوحي
ثم عطف عليه بحمد المؤمنين به المصدقين له فقال إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ومعناه الذين آمنوا بهذا الوحي والتنزيل وعرفوا هذه الحجة
ثم تصرف في الاحتجاج على الوحدانية والقدرة إلى أن قال فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فتوعدهم بما أصاب من قبلهم من المكذبين بآيات الله من قوم عاد / وثمود في الدنيا ثم توعدهم بأمر الآخرة فقال ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون إلى انتهاء ما ذكره فيه
ثم رجع إلى ذكر القرآن فقال وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون


الصفحة التالية
Icon