وإن كان مما لا يتأول بل يوقف فيه كالكلام في معنى الروح ونحوه فنفس طلب تأويله هو اتباع ما تشابه ثم قال تعالى وما يعلم تأويله إلا الله أي وما يعلم تأويله على الكمال إلا الله سبحانه واختلف في قوله والراسخون في العلم فرأت فرقة أن رفع الراسخين هو بالعطف على اسم الله عز و جل وأنه مع علمهم بالمتشابه يقولون آمنا به وقالت طائفة أخرى والراسخون رفع بالابتداء وهو مقطوع من الكلام الأول وخبره يقولون والمنفرد بعلم المتشابه هو الله وحده قال ع وهذه المسألة إذا تؤملت قرب الخلاف فيها من الاتفاق وذلك أن الله تعالى قسم أي الكتاب قسمين محكما ومتشابها فالمحكم هو المتضح المعنى لكل من يفهم كلام العرب لا يحتاج فيه إلى نظر ولا يتعلق به شيء يلبس ويستوي في علمه الراسخ وغيره والمتشابه على نوعين منه مالا يعلم البتة كأمر الروح وآماد المغيبات التي قد اعلم الله بوقوعها إلى سائر ذلك ومنه ما يحمل على وجوه في اللغة ومناح في كلام العرب فيتأول ويعلم تأويله ولا يسمى أحد راسخا إلا أن يعلم من هذا النوع كثيرا بحسب ما قدر له فمن قال أن الراسخين يعلمون تأويل المتشابه فمراده النوع الثاني الذي ذكرناه ومن قال أن الراسخين لا يعلمون تأويله فمراده النوع الأول كأمر الروح ووقت الساعة لكن تخصيصه المتشابه بهذا النوع غير صحيح بل هما نوعان كما ذكرنا والضمير في تأويله عائد على جميع متشابه القرآن وهما نوعان كما ذكرنا والرسوخ الثبوت في الشيء وسئل النبي صلى الله لعيه وسلم عن الراسخين في العلم فقال هو من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه قلت ومن جامع العتبية وسئل مالك عن تفسير الراسخين في العلم فقال العالمون العاملون بما علموا المتبعون له قال ابن رشد قول مالك هذا هو معنى ما روي من أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل من الراسخ في العلم