لتنبسط النفوس بتداخل الناس ويردون الموسم فيسمعون القرآن ويدخل الإيمان في قلوبهم وتقوم عليهم الحجة كالذي كان ثم نسخ الله ذلك كله بعد عام في سنة تسع إذ حج أبو بكر رضي الله عنه ونودي في الناس بسورة براءة وقوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا مجيء إباحة الصيد عقب التشديد فيه حسن في فصاحة القول وقوله سبحانه فاصطادوا أمر ومعناه الإباحة بإجماع وقوله تعالى ولا يجرمنكم معناه لا يكسبنكم وجرم الرجل معناه كسب وقال ابن عباس معناه لا يحملنكم والمعنى متقارب والتفسير الذي يخص اللفظة هو معنى الكسب وقوله تعالى شنئان قوم الشنئان هو البغض فأما من قرا شنئان بفتح النون فالأظهر فيه أنه مصدر كأنه قال لا يكسبنكم بغض قوم من أجل أن صدوكم عدوانا عليهم وظلما لهم وهذه الآية نزلت عام الفتح سنة ثمان حين أراد المسلمون أن يستطيلوا علىقريش والفافها المتظاهرين على صد رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه عام الحديبية وذلك سنة ست من الهجرة فحصلت بذلك بغضة في قلوب المؤمنين وحيكة للكفار فنهي المؤمنون عن مكافأتهم وإذ لله فيهم إرادة خير وفي علمه أن منهم من يؤمن كالذي كان وقرأ أبو عمرو وابن كثير إن صدوكم ومعناه إن وقع مثل ذلك في المستقبل وقراءة الجمهور أمكن ثم أمر سبحانه الجميع بالتعاون على البر والتقوى قال قوم هما لفظان بمعنى وفي هذا تسامح والعرف في دلالة هذين أن البر يتناول الواجب والمندوب والتقوى رعاية الواجب فإن جعل أحدهما بدل الآخر فبتجوز قلت قال أحمد بن نصر الداودي قال ابن عباس البر ما أمرت به والتقوى ما نهيت عنه انتهى وقد ذكرنا في غير هذا الموضع أن لفظ التقوى يطلق على معان وقد بيناها في آخر سورة النور وفي الحديث الصحيح والله في عون العبد ما كان العبد


الصفحة التالية
Icon