وقوله سبحانه ولو أنهم أقاموا التوراة أي أظهروا أحكامها فهي كإقامة السوق وإقامة الصلاة وقوله سبحانه والإنجيل يقتضي دخول النصارى في لفظ أهل الكتاب في هذه الآية قلت وقال مكي معنى أقاموا التوراة والإنجيل أي عملوا بما فيهما وأقروا بصفة النبي صلى الله عليه و سلم وبنبوءته انتهى من الهداية وقوله وما أنزل إليهم من ربهم معناه من وحي وسنن على ألسنة الأنبياء عليهم السلام واختلف في معنى من فوقهم ومن تحت أرجلهم فقال ابن عباس وغيره المعنى لأعطتهم السماء مطرها والأرض نباتها بفضل الله تعالى وقال الطبري وغيره إن الكلام استعارة ومبالغة في التوسعة كما يقال فلان قد عمه الخير من قرنه إلى قدمه وقوله سبحانه منهم أمة مقتصدة معناه معتدلة والقصد والاقتصاد الاعتدال والرفق والتوسط الحسن في الأقوال والأفعال قال ابن زيد وهؤلاء هم أهل طاعة الله من أهل الكتاب قال ع وهذا هو الراجح وقوله سبحانه يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك الآية هذه الآية أمر من الله تعالى لنبيه عليه السلام بالتبليغ على الاستيفاء والكمال لأنه قد كان بلغ صلى الله عليه و سلم وإنما أمر في هذه الآية بأن لا يتوقف عن شيء مخافة أحد وذلك أن رسالته عليه السلام تضمنت الطعن على أنواع الكفرة وبيان فساد حالهم فكان يلقى منهم صلى الله عليه و سلم عنتا وربما خافهم أحيانا قبل نزول هذه الآية فقال الله تعالى له بلغ ما أنزل إليك من ربك أي كاملا والله يعصمك من الناس قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها من زعم أن محمدا كتم شيئا من الوحي فقد أعظم الفرية والله تعالى يقول يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك الآية وقال عبد الله ابن شقيق كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعتقبه أصحابه يحرسونه فلما نزلت والله يعصمك من الناس خرج فقال يا أيها الناس الحقوا بملاحقكم فإن الله


الصفحة التالية
Icon