بكاء طويلا فلما رفع على السرير قال طوبى لك يا عثمان لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها قال أبو عمر كان عثمان بن مظعون أحد الفضلاء العباد الزاهدين في الدنيا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم المتبتلين منهم وقد كان هو وعلي بن أبي طالب هما أن يترهبا ويتركا النساء ويقبلا على العبادة ويحرما طيبات الطعام على أنفسهما فنزلت يا أيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم الآية ونقل هذا معمر وغيره عن قتادة انتهى وقوله سبحانه ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان معناه شددتم وعقد اليمين كعقد الحبل والعهد قال الحطيئة... قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم... شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا...
قال الفخر وأما وجه المناسبة بين هذه الآية والتي قبلها فهو ما تقدم من أن قوما من الصحابة رضي الله عنهم حرموا على أنفسهم المطاعم والملاذ وحلفوا على ذلك فلما نهاهم الله تعالى عن ذلك قالوا يا رسول الله فكيف نصنع بأيماننا فأنزل الله تعالى هذه الآية انتهى وقوله سبحانه فكفارته إطعام عشرة مساكين أي إشباعهم مرة واحدة وحكم هؤلاء أن لا يتكرر واحد منهم في كفارة يمين واحدة واختلف في معنى قوله سبحانه من أوسط فرأى مالك وجماعة معه هذا التوسط في القدر ورأى ذلك جماعة في الصنف والوجه أن يعم بلفظ الوسط القدر والصنف فرأى مالك أن يطعم المسكين بالمدينة مدا بمد النبي صلى الله عليه و سلم وذلك رطل وثلث وهذا لضيق المعيشة بالمدينة ورأى في غيرها أن يتوسع ورأى من يقول أن التوسط إنما هو في الصنف أن يكون الرجل المكفر يتجنب أدنى ما يأكل الناس في البلد وينحط عن الأعلى ويكفر بالوسط من ذلك ومذهب المدونة أن يراعي المكفر عيش البلد وتأويل العلماء في الحانث


الصفحة التالية
Icon