وقوله سبحانه وربك الغني ذو الرحمة أن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدهم ما يشاء الآية مضمنة وعيدا وتحذيرا من بطش الله عز و جل في التعجيل بذلك وأما مع المهلة ومرور الجديدين فذلك عادته سبحانه في الخلق باذهاب خلق واستخلاف آخرين وقوله سبحانه إنما توعدون ءلات هو من الوعيد بقرينة وما أنتم بمعجزين أي وما أنتم بناجين هربا فتعجزون طالبكم ثم أمر سبحانه نبيه عليه السلام أن يتوعدهم بقوله اعملوا أي فسترون عاقبة عملكم الفاسد وصيغة افعل هنا هي بمعنى الوعيد والتهديد وعلى مكانتكم معناه على حالكم وطريقتكم وعاقبة الدار أي مآل الآخرة ويحتمل مآل الدنيا بالنصر والظهور ففي الآية إعلام بغيب وقوله وجعلوا لله مما ذرأ يعني مشركي العرب الذين تقدم الرد عليهم من أول السورة وذرأ معناه خلق وأنشأ وبث وسبب نزول هذه الآية أن العرب كانت تجعل من غلاتها وزروعها وثمارها وأنعامها جزأ تسمية لله وجزأ تسمية لأصنامها وكانت عادتها التحفي والاهتبال بنصيب الأصنام أكثر منها بنصيب الله إذ كانوا يعتقدون أن الأصنام بها فقر وليس ذلك بالله سبحانه فكانوا إذا جمعوا الزرع فهبت الريح فحملت من الذي لله إلىالذي لشركائهم أقروه وإذا حملت من الذي لشركائهم إلى الذي لله ردوه وإذا لم يصيبوا في نصيب شركائهم شيئا قالوا لا بد للآلهة من نفقة فيجعلون نصيب الله تعالى في ذلك قال هذا المعنى ابن عباس ومجاهد والسدي وغيرهم انهم كانوا يفعلون هذا ونحوه من الفعل وكذلك في الأنعام كانوا إذا أصابتهم ألسنة أكلوا نصيب الله وتحاموا نصبب شركائهم وقوله سبحانه وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم الكثير هنا يراد به من كان يئد من شركي العرب والشركاء هاهنا الشياطين الآمرون بذلك المزينون له والحاملون عليه أيضا من بني آدم ومقصد