ونور الله في هذه الآية هداه الصادر عن القرآن والشرع
وقوله بافواههم عبارة عن قلة حيلتهم وضعفها
وقوله بالهدى يعم القرآن وجميع الشرع
وقوله ليظهره على الدين كله وقد فعل ذلك سبحانه فالضمير في ليظهره عائد على الدين وقيل على الرسول وهذا وإن كان صحيحا فالتأويل الأول ابرع منه وأليق بنظام الآية
وقوله عز و جل يا أيها الذين أمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل المراد بهذه الآية بيان نقائص المذكورين ونهي المؤمنين عن تلك النقائص مترتب ضمن ذلك واللام في ليأكلون لام التوكيد وصورة هذا الأكل هي بأنهم يأخذون من أموال اتباعهم ضرائب وفروضا باسم الكنائس والبيع وغير ذلك مما يؤهمونهم أن النفقة فيه من الشرع والتقرب إلى الله وهم خلال ذلك يحتجنون تلك الأموال كالذي ذكره سلمان في كتاب السير عن الراهب الذي استخرج كنزه
وقوله سبحانه ويصدون عن سبيل الله أي عن شريعة الإسلام والإيمان بنبينا محمد صلى الله عليه و سلم
وقوله سبحانه والذين ابتداء وخبره فبشرهم والذي يظهر من ألفاظ الآية أنه لما ذكر نقص الأحبار والرهبان الآكلين للمال بالباطل ذكر بعد ذلك بقول عام نقص الكانزين المانعين حق المال وقرأ طلحة بن مصرف الذين يكنزون بغير واو وعلى هذه القراءة يجرى قول معاوية أن الآية في أهل الكتاب وخالفه أوب ذر فقال بل هي فينا ويكنزون معناه يجمعون ويحفظون في الأوعية وليس من شرط الكنز الدفن والتوعد في الكنز إنما وقع على منع الحقوق منه وعلى هذا كثير من العلماء وقال علي رضي الله عنه أربعة آلاف درهم فما دونهما نفقة وما زاد عليها فهو كنز وإن أديت زكاته وقال أبو ذر وجماعة معه ما فضل من مال الرجل على حاجة نفسه فهو كنز وهذان القولان يقتضيان أن الذم في حبس المال لا في منع