برهان ربه فعلى طريق كثير من الفقهاء والمحدثين أن هم النفس لا يؤاخذ به وليس بسيئة لقوله عليه السلام عن ربه إذا هم عبدي بسيئة فلم يعلمها كتبت له حسنة فلا معصية في همه إذن وأما على مذهب المحققين من الفقهاء والمتكلمين فإن الهم إذا وظنت عليه النفس سيئة وأما ما لم توطن عليه النفس من همومها وخواطرها فهو المعفو عنه وهذا هو الحق فيكون إن شاء الله هم يوسف من هذا ويكون قوله وما ابرئى نفسي الآية أي من هذا الهم أو يكون ذلك منه على طريق التواضع انتهى واختلف في البرهان الذي رآه يوسف فقيل ناداه جبريل يا يوسف لا تكون في ديوان الأنبياء وتفعل فعل السفهاء وقيل رأى يعقوب عاضا على ابهامه وقيل غيره هذا وقيل بل كان البرهان فكرته في عذاب الله ووعيده على المعصية والبرهان في كلام العرب الشيء الذي يعطى القطع واليقين كان مما يعلم ضرورة أو بخبر قطعي أو بقياس نظري وأن في قوله لولا أن رأى في موضع رفع تقديره لولا رؤيته برهان ربه لفعل وذهب قوم إلى أن الكلام تم في قوله ولقد همت به وأن جواب لولا في قوله وهم بها وان المعنى لولا أن رأى البرهان لهم أي فلم يهم عليه السلام وهذا قول يرده لسان العرب وأقوال السلف ت وقد ساق عياض هذا القول مساق احتجاج به متصلا بما نقلناه عنه آنفا ولفظه فكيف وقد حكى أبو حاتم عن أبي عبيدة أن يوسف إليهم وأن الكلام فيه تقديم وتأخير أي ولقد همت به ولولا أن رأى برهان به لهم بها وقد قال الله تعالى عن المرأة ولقد راودته عن نفسه فاستعصم وقال تعالى كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء وقال معاذ الله الآية انتهى وكذا نقله الداودي ولفظه وقد قال سعيد بن الحداد في الكلام تقديم وتأخير ومعناه أنه لولا أن رأى برهان ربه لهم بها فلما رأى البرهان لم يهم انتهى


الصفحة التالية
Icon