الله تعالى ووصى بنيه وأخبر بعد ذلك بتوكله فهذا توكل مع من سبب وهو توكل جميع المؤمنين إلا من شذ في رفض السعي بالكلية وقنع بالماء وبقل البرية فتلك غاية التوكل وعليها بعض الأنبياء عليهم السلام والشارعون منهممثبتون سنن التسبب الجائز قال الشيخ العارف بالله عبد الله بن أبي حمزة رضي الله عنه وقد أشتمل القرآن على أحكام عديدة فمنها التعلق بالله تعالى وترك الأسباب ومنها عمل الأسباب في الظاهر وخلو الباطن من التعلق بها وهو اجلها وازكاها لأن ذلك جمع بين الحكمة وحقيقة التوحيد وذلك لا يكون إلا للافذاذ الذين من الله عليهم بالتوفيق ولذلك مدح الله تعالى يعقوب عليه الصلاة و السلام في كتابه فقال وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون لأنه عمل الأسباب وأجتهد في توفيتها وهو مقتضى الحكمة ثم رد الأمر كله لله تعالى واستسلم إليه وهو حقيقة التوحيد فقال وما أغنى عنكم من الله من شيء أن الحكم إلا لله الآية فأنثى الله تعالى عليه من أجل جمعه بين هاتين الحالتين العظيمتين
وقوله لا تدخلوا من باب واحد قيل خشي عليهم العين لكونهم أحد عشر لرجل واحد وكانوا أهل جمال وبسطة قاله ابن عباس وغيره
وقوله سبحانه ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم روي أنه لما ودعوا أباهم قال لهم بلغوا ملك مصر سلامي وقولوا له أن أبانا يصلي عليك ويدعو لك ويشكر صنيعك معنا وفي كتاب أبي منصور المهراني أنه خاطبه بكتاب قرئى على يوسف فبكى
وقوله سبحانه ما كان يغنى عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها بمثابة قولهم لم يكن في ذلك دفع قدر الله بل كان أربا ليعقوب قضاه فالاستثناء ليس من الأول والحاجة هي ان يكون طيب النفس بدخولهم من أبواب متفرقة خوف العين ونظير هذا الفعل أن النبي صلى الله عليه و سلم سد كوة


الصفحة التالية
Icon