لم نعده راجع إلى أصل واحد وهو حب الدنيا لأن حبها عنه يتفرع كل شر وعنه يتشعب كل قبيح فإذا زالت هذه العل ظهر الصدق والإخلاص والتواضع والحلم والورع والقناعة والزهد والصبر والرضى والأنس والمحبة والشوق والتوكل والخشية والحزن وقصر الأمل ومزاج النية بالعلم فينبع العلم وينتفي الجهل ويضيء القلب بنور الاهي ويتلألأ الإيمان وتوضح المعرفة ويتسع اليقين ويتقوى الإلهام وتبدو الفراسات ويصفى السر وتتجلى الأسرار وتوجد الفوائد قال رحمه الله وليس بين العبد والترقي من سفل إلى علو الأ حب الدنيا فإن الترقي يتعذر من أجل حبها لأنها جاذبة إلى العالم الظلماني وطباع النفوس لذلك ماثلة فإن أردت أن تقتفي أثر الذاهبين إلى الله تعالى فاستخفف بدنياك وأنظرها بعين الزوال وأنزل نفسك عند أخذ القوت منها منزلة المضطر إلى الميتة والسلام انتهى وروي أن المفتش كان إذا فرغ من رحل رجل فلم يجد فيه شيئا استغفر الله عز و جل من فعله ذلك وظاهر كلام قتادةوغيره أن المستغفر هو يوسف حتى انتهى إلى رحل بنيامين فقال ما أظن هذا الفتى رضي بهذا ولا أخذ شيئا فقال له إخوته والله لا تبرح حتى تفتشه فهو أطيب لنفسك ونفوسنا ففتش حينئذ فأخرج السقاية وروي أن أخوة يوسف لما رأوا ذلك عنفوا بنيامين وقالوا له كيف سرقت هذه السقاية فقال لهم والله ما فعلت فقالوا له فمن وضعها في رحلك قال الذي وضع البضاعة في رحالكم والضمير في قوله استخرجها عائد على السقاية ويحتمل على السرقة وقوله سبحانه قالوا إن يسرق أي قالوا أخوة يوسف إن كان هذا قد سرق فغير بدع من ابني راحيل لأن أخه يوسف قد كان سرق فهذا من الأخوة إنحاء على ابني راحيل يوسف ويامين وهذه الأقوال منهم عليهم السلام إنما كانت بحسب الظاهر موجب الحكم في النازلتين فلم يعنوا في غيبة ليوسف وإنما قصدوا


الصفحة التالية
Icon