وجوها منها أنه لما أمرهم سبحانه بالاستجابة في الطاعة حضهم على المبادرة والاستعجال وأعلمهم أنه يحول بين المرء وقلبه بالموت والقبض أي فبادروا الطاعات ويلتئم مع هذا التأويل قوله وإنه إليه تحشرون أي فبادروا الطاعات وتزودوها ليوم الحشر ومنها أن يقصد أعلامهم أن قدرة الله وعلمه وإحاطته حائلة بين المرء وقلبه فكان هذا المعنى يحض على المراقبة والخوف لله المطلع على الضمائر حكي هذا التأويل عن قتادة ويحتمل أن يريد تخويفهم إن لم يمتثلوا الطاعات ويستجيبوا لله وللرسول أن يحل بهم ما حل بالكفار الذين أرادهم بقوله ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون لأنه حتمه عليهم بأنهم لو سمعوا لم ينتفعوا يقتضي أنه كان قد حال بينهم وبين قلوبهم ومنا أن يكون المعنى ترجية لهم بأن الله يبدل الخوف الذي في قلوبهم من كثرة العدو فيجعله جراءة وقوة وبضد ذلك للكفار أي فإن الله تعالى هو مقلب القلوب كما كان قسم النبي صلى الله عليه و سلم وقيل غير هذا قال مكي وقال الطبري هذا خبر من الله عز و جل أنه أملك بقلوب العباد منهم لها وأنه يحول بينهم وبينها إذا شاء حتى لا يدرك الإنسان شيئا من إيمان ولا كفر ولا يعي شيئا ولا يفهم شيئا إلا بإذنه ومشيئته سبحانه وقد كان النبي صلى الله عليه و سلم كثيرا ما يقول في دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك انتهى
الهداية وروى مالك بن أنس والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا أبي بن كعب وهو في الصلاة فلم يجبه وأسرع في بقية صلاته فلما فرغ جاء فقال له النبي صلى الله عليه و سلم ألم يقل الله عز و جل يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم قال أبي لأجرم يا رسول الله لا تدعوني أبدا إلا أجبتك الحديث بطوله واختلاف ألفاظه وفي البخاري ومسلم أن ذلك وقع مع أبي سعيد بن المعلى وروي أنه وقع نحوه مع حذيفة بن اليمان في غزوة الخندق
وقوله