ولا خفاء بما في هذا كله من الأكرام له صلى الله عليه و سلم وحسن المعاملة انتهى قال ص لتشقى إلا تذكرة علتان لقوله ما أنزلنا انتهى وقد تقدم القول في مسألة الاستواء وباقي الآية بين قال ابن هاشم قوله تعالى وإن تجهر بالقول أي فاعلم أنه غني عن جهرك فإنه يعلم السر وأخفى فالجواب محذوف انتهى
وقوله سبحانه وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى هذا الاستفهام توقيف مضمنه تنبيه النفس إلى استماع ما يورد عليها وهذا كما تبدأ الرجل إذا أردت أخباره بأمر غريب فتقول أعلمت كذا وكذا ثم تبدأ تخبره وكان من قصة موسى عليه السلام أنه رحل من مدين بأهله بنت شعيب عليه السلام وهو يريد أرض مصر وقد طالت مدة جنايته هنالك فرجا خفاء أمره وكان فيما يزعمون رجلا غيورا فكان يسير الليل بأهله ولا يسير بالنهار مخافة كشفه الناس فضل عن طريقه في ليلة مظلمة فبينما هو كذلك وقد قدح بزنده فلم يور شيئا إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا أي أقيموا وذهب هو إلى النار فإذا هي مضطرمة في شجرة خضراء يانعة قيل كانت من عناب وقيل من عوسج وقيل من عليق فكلما دنا منها تباعدت منه ومشت فإذا رجع عنها اتبعته فلما رأى ذلك أيقن أن هذا من أمور الله الخارقة للعادة ونودي وانقضى أمره كله في تلك الليلة هذا قول الجمهور وهو الحق وما حكي عن ابن عباس أنه قال أقام في ذلك الأمر حولا فغير صحيح عن ابن عباس وآنست معناه أحسست والقبس الجذوة من النار تكون على رأس العود والهدى أراد هدى الطريق أي لعلي أجد مرشدا لي أو دليلا وفي قصة موسى بأسرها في هذه السورة تسلية للنبي صلى الله عليه و سلم عما لقي في تبليغه من المشقات صلى الله عليه و سلم والضمير في قوله أتاها عائد على النار
وقوله نودي كنايه عن تكليم الله تعالى