بالإشارة لا بالكلام قال ص وقوله فقولي جواب الشرط وبينهما جملة محذوفة يدل عليها المعنى أي فأما ترين من البشر أحدا وسألك أو حاورك الكلام فقولي انتهى وصوما معناه عن الكلام إذ أصل الصوم الإمساك وقرأت فرقة أني نذرت للرحمن صمتا ولا يجوز في شرعنا نذر الصمت فروي أن مريم عليها السلام لما أطمأنت بما رأت من الآيات وعلمت أن الله تعالى سيبين عذرها أتت به تحمله مدلة من المكان القصي الذي كانت منتبذة به والفري العظيم الشنيع قاله مجاهد والسدي وأكثر استعماله في السوء واختلف في معنى قوله تعالى يا أخت هارون فقيل كان لها أخ اسمه هارون لأن هذا الاسم كان كثيرا في بني إسرائيل وروى المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أرسله إلى أهل نجران في أمر من الأمور فقالت له النصارى إن صاحبك يزعم أن مريم هي أخت هارون وبينهما في المدة ست مائة سنة قال المغيرة فلم أدر ما أقول فلما قدمت على النبي صلى الله عليه و سلم ذكرت ذلك له فقال
ألم يعملوا أنهم كانوا يسمون بأسماء الأنبياء والصالحين قال ع فالمعنى أنه اسم وافق اسما وقيل نسبوها إلى هارون أخي موسى لأنها من نسله ومنه قوله صلى الله عليه و سلم أن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم وقال قتادة نسبوها إلى هارون اسم رجل صالح في ذلك الزمان وقالت فرقة بل كان في ذلك الزمان رجل فاجر اسمه هارون نسبوها إليه على جهة التعيير ت والله أعلم بصحة هذا وما رواه المغيرة أن ثبت هو المعول عليه وقولهم ما كان أبوك امرأ سوء المعنى ما كان أبوك ولا أمك أهلا لهذه الفعلة فكيف جئت أنت بها والبغي التي تبغي الزنا أي تطلبه
وقوله تعالى فأشارت إليه يقوي قول من قال أن أمرها بقولي إنما أريد به الإشارة
وقوله ءاتاني الكتاب يعني الإنجيل ويحتمل أن يريد التوراة والإنجيل وءاتاني معناه قضى بذلك سبحانه وأنفذه


الصفحة التالية
Icon