وكان لباسه يجمعه من خرق المزابل ويرقعه وكان يتوطأ الرمل وفي الشتاء يأخذ قفاف المعاصر الملقاة على المزابل يجعلها تحته قال ولده أبو الطاهر وكنا إذا بقينا بلا شيء نقتاته كنت أسمعه في الليل يقول... ما لي تلاد ولا استطرفت من نشب... وما أأمل غير الله من أحد... إن القنوع بحمد الله يمنعني... من التعرض للمنانة النكد...
انتهى وقوله تعالى وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون هذه الجماعة التي يقبل بعضها على بعض هي جن وإنس قاله قتادة وتساؤلهم هو على معنى التقريع واللوم والتسخط والقائلون إنكم كنتم تأتوننا إما أن يكون الإنس يقولونها للشياطين وهذا قول مجاهد وابن زيد وإما أن يكون ضعفة الإنس يقولونها للكبراء والقادة واضطراب المتأولون في معنى قولهم عن اليمين فعبر ابن زيد وغيره عنه بطريق الجنة ونحو هذا من العبارات التي هي تفسير بالمعنى ولا يختص بنفس اللفظة والذي يخصها معان منها أن يريد باليمين القوة أي تحملوننا على طريق الضلالة بقوة ومنها أن يريد باليمين اليمن أي تأتوننا من جهة النصائح والعمل الذي يتيمن به ومن المعاني التي تحتملها الآية أن يريدوا إنكم كنتم تجيئوننا من جهة الشهوات وأكثر ما يتمكن هذا التأويل مع إغواء الشياطين وقيل المعنى تحلفون لنا فاليمين على هذا القسم وقد ذهب بعض العلماء في ذكر إبليس جهات بني آدم في قوله من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم إلى ما ذكرناه من جهة الشهوات ثم أخبر تعالى عن قول الجن المجيبين لهؤلاء بقولهم بل لم تكونوا مؤمنين أي ليس الأمر كما ذكرتم بل كان لكم اكتساب الكفر وما كان لنا عليكم حجة وبنحو هذا فسر قتادة وغيره أنه قول الجن إلى غاوين ثم أخبر تعالى بأنهم جميعا في العذاب مشتركون وأن هذا فعله بأهل الجرم والكفر وقوله سبحانه إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله