لقي ذلك انتهى من الشفا وقوله سبحانه اتواصوا به توقيف وتعجيب من توارد نفوس الكفرة في تكذيب الانبياء على تفرق ازمانهم أي لم يتواصوا لكنهم فعلوا فعلا كأنه فعل من تواصي والعلة في ذلك ان جميعهم طاغ والطاغي المستعلي في الارض المفسد وقوله تعالى فتول عنهم أي عن الحرص المفرط عليهم وذهاب النفس حسرات ولست بملوم اذ قد بلغت وذكر فإن الذكرى نافعة للمؤمنين ولمن قضي له ان يكون منهم وقوله سبحانه وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون قال ابن عباس وعلي المعنى ما خلقت الجن والانس الا لآمرهم بعبادتي وليقروا لي بالعبودية وقال زيد بن اسلم وسفيان هذا خاص والمراد ما خلقت الطائعين من الجن والانس الا لعبادتي ويؤيد هذا التأويل ان ابن عباس روى عن النبي ص - انه قرأ وما خلقت الجن والانس من المؤمنين الا ليعبدون وقال ابن عباس ايضا معنى ليعبدون ليتذللوا لي ولقدرتي وان لم يكن ذلك على قوانين شرع وعلى هذا التأويل فجميعهم من مؤمن وكافر متذلل لله عز و جل الا تراهم عند القحوط والامراض وغير ذلك كيف يخضعون لله ويتذللون ت قال الفخر فإن قيل ما العبادة التي خلق الله الجن والانس لها قلنا التعظيم لامر الله والشفقة على خلق الله فان هذين النوعن لم يخل شرع منهما وأما خصوص العبادات فالشرائع مختلفة فيها بلوضع والهيئة والقلة والكثرة والزمان والمكان والشرائط والاركان انتهى ونقل الثعلبي وغيره عن مجاهد الا ليعبدون أي ليعرفوني قال صاحب الكلم الفارقية المعرفة بالله تملأ القلب مهابة ومخافة والعين عبرة وعبرة وحياء وخجلة والصدر خشوعا وحرمة والجوارح استكانة وذلة وطاعة وخدمة واللسان ذكرا وحمدا والسمع اصغاء وتفهما والخواطر في مواقف المناجات خمودا والوساوس اضمحلالا انتهى وقوله سبحانه ما اريد منهم من رزق أي ان يرزقوا انفسهم ولا غيرهم