فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله ص - يثب في الدرع وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر والجمهور على أن الآية نزلت بمكة وقول من زعم أنها نزلت يوم بدر ضعيف والصواب أن الوعد نجز يوم بدر قال أبو حيان ويولون الجمهور بياء الغيبة وعن أبي عمرو بتاء الخطاب والدبر هنا اسم جنس وحسن إفراده كونه فاصلة وقد جاء مجموعا في آية أخرى وهو الأصل انتهى ثم اضرب سبحانه تهمما بأمر الساعة التي هي أشد عليهم من كل هزيمة وقتل فقال بل الساعة موعدهم وأدهى أفعل من الداهية وهي الرزية العظمى تنزل بالمرء وأمر من المرارة ت وقال الثعالبي الداهية الأمر الشديد الذي لا يهتدى للخلاص منه انتهى ثم أخبر تعالى عن المجرمين أنهم في الدنيا في حيرة وائتلاف وفقد هدى وفي الآخرة في احتراق وتسعر وقال ابن عباس المعنى في خسران وجنون والسعر الجنون وأكثر المفسرين على أن المجرمين هنا يراد بهم الكفار والسحب الجر
وقوله سبحانه إنا كل شيء خلقناه بقدر قرأ جمهور الناس كل بالنصب وقالوا المعنى إنا خلقنا كل شيء بقدر سابق وليست خلقنا في موضع الصفة لشيء وهذا مذهب أهل السنة وهذا المعنى يقتضي أن كل شيء مخلوق إلا ما قام عليه الدليل أنه ليس بمخلوق كالقرآن والصفات ت قال الثعالبي قال ابن عباس خلق الله الخلق كلهم بقدر وخلق الخير والشر فخير الخير السعادة وشر الشر الشقاوة
وقوله سبحانه وما أمرنا إلا واحدة قال ع أي إلا قوله واحدة وهي كن ت قوله إلا قوله فيه قلق ما وكانه فهم أن معنى الآية راجع إلى قوله تعالى إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون وعبارة الثعالبي أي وما أمر الساعة إلا واحدة أي إلا رجفة واحدة قال أبو عبيد هي نعت للمعنى دون اللفظ مجازه وما أمرنا إلا مرة واحدة كن فيكون كلمح بالبصر أي كخطف بالبصر فقيل له إنه يعني الساعة فقال الساعة وجميع ما يريد انتهى وكلام


الصفحة التالية
Icon