هذا العالم سفر وأول منازلهم المهد وآخرها اللحد والوطن هو الجنة أو النار والعمر مسافة السفر فسنوه مراحله وشهوره فراسخه وأيامه أمياله وأنفاسه خطواته وطاعته بضاعته وأوقاته رؤوس أمواله وشهواته وأغراضه قطاع طريقه وربحه الفوز بلقاء الله عز و جل في دار السلام مع الملك الكبير والنعيم المقيم وخسرانه البعد من الله عز و جل مع الأنكال والأغلال والعذاب الأليم في دركات الجحيم فالغافل عن نفس واحد من أنفاسه حتى ينقضي في غير طاعة تقربه إلى الله تعالى زلفى متعرض في يوم التغابن لغبينة وحسرة مالها منتهى ولهذا الخطر العظيم والخطب الهائل شمر الموفقون عن ساق الجد ودعوا بالكلية ملاذ النفس واغتنموا بقايا العمر فعمروها بالطاعات بحسب تكرر الأوقات انتهى قال الشيخ أبو مدين رحمه الله عمرك نفس واحد فاحرص من أن يكون لك لا عليك انتهى والله الموفق بفضله والنشور الحياة بعد الموت وتمور معناه تذهب وتجيء كما يذهب التراب الموار في الريح والحاصب البرد وما جرى مجراه والنكير مصدر بمعنى الإنكار والنذير كذلك ومنه قول حسان بن ثابت
... فأنذر مثلها نصحا قريشا... من الرحمن إن قبلت نذيري...
ثم أحال سبحانه على العبرة في أمر الطير وما أحكم من خلفتها وذلك بين عجز الأصنام والأوثان عنه وصافات جمع صافة وهي التي تبسط جناحها وتصفه وقبض الجناح ضمه إلى الجنب وهاتان حالتان للطائر يستريح من إحداهما إلى الأخرى
وقوله سبحانه أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه هذا أيضا توقيف على أمر لا مدخل للأصنام فيه
وقوله سبحانه أفمن يمشي مكبا على وجهه قال ابن عباس والضحاك ومجاهد نزلت مثلا للمؤمنين والكافرين على العموم وقال قتادة نزلت مخبرة عن حال القيامة وأن الكفار يمشون على وجوههم والمؤمنين يمشون على استقامة كما جاء في الحديث ويقال أكب الرجل إذا در


الصفحة التالية
Icon