فبيتوا أمرهم وعزمهم فبعث الله عليهم طائفا من نار أو غير ذلك فاحترقت فقيل فأصبحت سوداء وقيل بيضاء كالزرع اليابس المحصود فلما أصبحوا إلى جنتهم لم يروها فحسبوا أنهم قد أخطئوا الطريق ثم تبينوها فعلموا أن الله أصابهم فيها فتابوا حينئذ وكانوا مؤمنين أهل كتاب فشبه الله قريشا بهم في أنه امتحنهم بالمصائب في دنياهم لعدم اتباعهم للنبي ص - ثم التوبة معرضة لمن بقي منهم
وقوله تعالى ليصرمنها أي ليجذنها ومصبحين معناه داخلين في الصباح
وقوله تعالى ولا يستثنون أي لا ينثبنون عن رأي منع المساكين وقال مجاهد معناه ولا يقولون إن شاء الله والصريم قال جماعة أراد به الليل من حيث اسودت جنتهم وقال ابن عباس الصريم الرماد الأسود بلغة خزيمة وقولهم إن كنتم صارمين يحتمل أن يكون من صرام النخل ويحتمل أن يريد إن كنتم أهل عزم وإقدام على رأيكم من قولك سيف صارم ويتخافتون معناه يتكلمون كلاما خفيا وكان هذا التخافت خوفا من أن يشعر بهم المساكين وكان لفظهم الذي يتخافتون به أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين
وقوله على حرد يحتمل أن يريد على منع من قولهم حاردت الإبل إذا قلت ألبانها فمنعتها وحاردت السنة إذا كانت شهباء لا غلة لها ويحتمل أن يريد بالحرد الغضب يقال حرد الرجل حردا إذا غضب قال البخاري قال قتادة على حرد أي على جد في أنفسهم انتهى
وقوله تعالى قادرين يحتمل أن يكون من القدرة أي قادرون في زعمهم ويحتمل أن يكون من التقدير الذي هو تضييق كأنهم قد قدروا على المساكين أي ضيقوا عليهم فلما رأوها أي محترقة قالوا إنا لضالون طريق جنتنا فلما تحققوها علموا أنها قد أصيبت فقالوا بل نحن محرومون أي قد حرمنا غلتها وبركتها فقال لهم اعدلهم قولا وعقلا وخلقا وهو الأوسط ألم أقل لكم لولا تسبحون قيل هي عبارة عن تعظيم الله والعمل بطاعته سبحانه فبادر القوم عند