للقاسية قلوبهم من ذكر الله من هنا مرادفة عن وقيل هي للتعليل أي من أجل ذكر الله لأنه اذا ذكر الله قسن قلوبهم عياذا بالله وقيل هي للابتداء انتهى من المغنى الفخر اعلم أن ذكر الله سبب لحصول النور والهداية وزيادة الاطمئنان في النفوس الطاهرة الروحانية وقد يوجب القسوة والبعد عن الحق في النفوس الخبيثة الشيطانية فاذا عرفت هذا فنقول أن رأس الأدوية التي تفيد الصحة الروحانية ورتبتها هو ذكر الله فاذا اتفق لبعض النفوس ان صار ذكر الله سببا لازدياد مرضها كان مرض تلك النفوس مرضا لا يرجى زواله ولا يتوقع علاجه وكانت في نهاية الشر والرداءة فلهذا المعنى قال تعالى فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين وهذا كلام كامل محقق انتهى وقوله تعالى نزل أحسن الحديث يريد القرآن وروي عن ابن عباس أن سبب هذه الآية أن قوما من الصحابة قالوا يا رسول الله حدثنا بأحاديث حسان وأخبرنا بأخبار الدهر فنزلت الآية وقوله متشابها معناه مستويا لا تناقض فيه ولا تدافع بل يشبه بعضه بعضا في رصف اللفظ ووثاقة البراهين وشرف المعاني اذ هي اليقين في العقائد في الله وصفاته وأفعاله وشرعه ومثاني معناه موضع تثنية للقصص والأقضية والمواعظ تثنى فيه ولا تمل مع ذلك ولا يعرضها ما يعرض الحديث المعاد وقال ابن عباس ثنى فيه والأمر مرارا ولا ينصرف مثاني لأنه جمع لا نظير له في الواحد وقوله تعالى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم عبارة عن قف شعر الانسان عند ما يداخله خوف ولين قلب عند سماع موعظة أو زجر قرآن ونحوه وهذه علامة وقوع المعنى المخشع في قلب السامع وفي الحديث أن أبي بن كعب قرأ عند النبي صلى الله عليه و سلم فرقت القلوب فقال النبي صلى الله عليه و سلم اغتنموا الدعاء عند الرقة فانها رحمة وقال العباس ابن عبد المطلب قال النبي صلى الله عليه و سلم من اقشعر جلده من خشية الله تعالى


الصفحة التالية
Icon