آل عمران ٦ - ٧
المختلفة لا إله إلا هو العزيز فى سلطانه الحكيم فى تدبيره روى أنه لما قدم وفد بنى نجران وهم ستون راكبا أميرهم العاقب وعمدتهم السيد وأسقفهم وحبرهم أبو حارثة خاصموا فى أن عيسى إن لم يكن ولدا لله فمن أبوه فقال عليه السلام ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه قالوا بلى قال ألم تعلموا أن الله تعالى حى لا يموت وعيسى يموت و أن ربنا قيم على العباد يحفظهم ويرزقهم وعيسى لا يقدر على ذلك و أنه لا يخفى عليه شيء فى الأرض ولا فى السماء وعيسى لا يعلم إلا ما علم و أنه صور عيسى فى الرحم كيف شاء فحملته امه ووضعته وأرضعته وكان ياكل ويحدث وربنا منزه عن ذلك كله فانقطعوا فنزل فيهم صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية هو الذى أنزل عليك الكتاب القرآن منه من الكتاب آيات محكمات أحكمت عبارتها بأن حفظت من الاحتمال والاشتباه هن أم الكتاب أصل الكتاب تحمل المتشابهات عليها وترد اليها واخر وآيات آخر متشابهات مشتبهات محتملات مثال ذلك الرحمن على العرش استوى فالاستواء يكون بمعنى الجلوس وبمعنى القدرة والاستيلاء ولا يجوز الأول على الله تعالى بدليل المحكم وهو قوله ليس كمثله شيء أو المحكم ما أمر الله به فى كل كتاب انزله نحو قوله قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم الآيات وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه الآيات والمتشابه ما وراءه أو مالا يحتمل إلا وجها واحدا وما احتمل أوجها أو ما يعلم تأويله وما لا يعلم تأويله أو الناسخ الذى يعمل به والمنسوخ الذى لا يعمل به و إنما لم يكن كل القرآن محكما لما فى المتشابه من الابتلاء به والتمييز بين الثابت على الحق والمتزلزل فيه ولما فى تقادح العلماء واتعابهم القرائح فى استخراج معانيه ورده إلى المحكم من الفوائد الجليلة والعلوم الجمة ونيل الدرجات عند الله تعالى فأما الذين فى قلوبهم زيغ ميل عن الحق وهم أهل البدع فيتبعون ما تشابه فيتعلقون بالمشابه الذى يحتمل ما يذهب إليه المبتدع مما لا يطابق المحكم ويحتمل ما يطابقه من قول أهل الحق منه ابتغاء الفتنة طلب أن يفتنوا الناس عن دينهم ويضلوهم وابتغاء تأويله وطلب أن يؤولوه التأويل الذى يشتهونه وما يعلم تأويله إلا الله أى لا يهتدى أى تأويله الحق الذى يجب أن يحمل عليه إلا الله والراسخون فى العلم والذين رسخوا أى ثبتوا فيه وتمكنوا وعضوا فيه بضرس قاطع مستأنف عند الجمهور والوقف عندهم على قوله إلا الله وفسروا المتشابه بما استأثر الله بعلمه وهو مبتدأ عندهم والخبر يقولون آمنا به وهو ثناء منه