آل عمران ١٩٩ - ٢٠٠
فى قوله أولئك يؤتون اجرهم مرتين إن الله سريع الحساب لنفوذ علمه فى كل شيء يا أيها الذين آمنوا اصبروا على الدين وتكاليفه قال الجنيد رضى الله عنه الصبر حبس النفس على المكروه بنفى الجزع وصابروا أعداء الله فى الجهاد أى غالبوهم فى الصبر على شدائد الحرب لا تكونوا أقل صبرا منهم وثباتا ورابطوا وأقيموا فى الثغور رابطين خيلكم فيها مترصدين مستعدين للغزو واتقوا الله لعلكم تفلحون الفلاح البقاء مع المحبوب بعد الخلاص عن المكروه ولعل لتغيب المآل لئلا يتكلوا على الآمال عن تقديم الأعمال وقيل اصبروا فى محبتى وصابروا فى نعمتى ورابطوا أنفسكم فى خدمتى لعلكم تفلحون تظفرون بقربتى قال النبى صلى الله عليه و سلم اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فانهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيابتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما والله أعلم بالصواب و إليه المرجع والمآب
سورة النساء نزلت بالمدينة آياتها مائة وست وسبعون آية

بسم الله الرحمن الرحيم

النساء ١
يا أيها الناس يا بنى آدم اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة فرعكم من أصل واحد وهو نفس آدم ابيكم وخلق منها زوجها معطوف على محذوف كأنه قيل من نفس واحدة أنشأها وخلق منها زوجها والمعنى شعبكم من نفس واحدة هذه صفتها وهى أنه صفتها وهى أنه أنشأها من تراب وخلق منها زوجها حواءمن ضلع من أضلاعه وبث منهما ونشر من آدم وحواء رجالا كثيرا ونساء كثيرة أى وبث منهما نوعى جنس الإنس وهما الذكور والإناث فوصفها بصفة هى بيان وتفصيل لكيفية خلقهم منها أو على خلقكم والخطاب فى يا أيها الناس للذين بعث اليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم والمعنى خلقكم من نفس آدم وخلق منها امكم حواء وبث منهما رجالا كثيرا ونساء غيركم من الأمم الفائتة للحصر فان قلت الذى تقتضيه جزالة النظم أن يجاء عقيب الأمر بالتقوى بما يدعوا اليها فكيف كان خلقه إياهم من نفس واحدة على التفصيل الذى ذكره داعيا اليها قلت لأن ذلك مما يدل على القدرة العظيمة ومن قدر على نحوه كان قادرا على كل شيء ومن المقدورات عقاب الكفار والفجار فالنظر فيه يؤدى إلى أن يتقى القادر عليه ويخشى عقابه و لأن يدل


الصفحة التالية
Icon