المائدة ٧٦ - ٨٠
بمثل ما يضركم به الله من البلاء والمصائب فى الأنفس والأموال ولا أن ينفعكم بمثل ما ينفعكم به من صحة الابدان والسعة والخصب لأن كل ما يستطيعه البشر من المضار والمنافع فبتخليقه تعالى فكأنه لا يملك منه شيئا وهذا دليل قاطع على أن أمره مناف للربوبية حيث جعله لا يستطيع ضرا ولا نفعا وصفة الرب أن يكون قادرا على كل شيء لا يخرج مقدور عن قدرته والله هو السميع العليم متعلق بأتعبدون أى أتشركون بالله ولا تخشونه وهو الذى يسمع ما تقولونه ويعلم ما تعتقدونه قل يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم الغلو مجاوزة الحد فغلو النصارى رفعه فوق قدره باستحقاق الألوهية وغلو اليهود وضعه عن استحقاق النبوة غير الحق صفة لمصدر محذوف أى غلوا غير الحق يعنى غلوا باطلا ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل أى أسلافكم وائمتكم الذين كانوا على الضلال قبل مبعث النبى صلى الله عليه و سلم وأضلوا كثيرا ممن تابعهم وضلوا لما بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم عن سواء السبيل حين كذبوه وحسدوه وبغوا عليه لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم قيل إن أهل ايلة لما اعتدوا فى السبت قال داود اللهم العنهم واجعلهم آية فمسخوا قردة ولما كفر أصحاب عيسى بعد المائدة قال عيسى اللهم عذب من كفر بعد ما اكل من المائدة عذابا لم تعذبه أحدا من العالمين والعنهم كما لعنت اصحاب السبت فأصبحوا خنازير وكانوا خمسة آلاف رجل ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ذلك اللعن بعصيانهم واعتدائهم ثم فسر المعصية والاعتداء بقوله كانوا لا يتناهون لا ينهى بعضهم بعضا عن منكر فعلوه عن قبيح فعلوه ومعنى وصف المنكر يفعلوه ولا يكون النهى بعد الفعل أنهم لا يتناهون عن معاودة منكر فعلوه أو عن مثل منكر فعلوه أو عن منكر أرادوا فعله أو المراد لا ينتهون عن منكر فعلوه بل يصرون عليه يقال تناهى عن الأمر وانتهى عنه إذا امتنع منه وتركه ثم عجب من سوء فعلهم مؤكدا لذلك بالقسم بقوله لبئس ما كانوا يفعلون وفيه دليل على أن ترك النهى عن المنكر من العظائم فيا حسرة على المسلمين فى اعراضهم عنه ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا هم منافقو أهل الكتاب كانوا يوالون المشركين ويصافونهم لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم لبئس شيئا قدموه لأنفسهم سخط الله


الصفحة التالية
Icon