البقرة ٢٦ - ٢٧
استحى من تمثيلها بالبعوضة لأنه مصيب فى تمثيله محق فى قوله سائق للمثل على قضية مضربه ولبيان أن المؤمنين الذين عادتهم الانصاف والنظر فى الأمور بناظر العقل إذا سمعوا بهذا التمثيل علموا أنه الحق و أن الكفار الذين غلب الجهل على عقولهم إذا سمعوه كابروا وعاندوا وقضوا عليه بالبطلان وقابلوه بالانكار و أن ذلك سبب هدى المؤمنين وضلال الفاسقين والعجب منهم كيف انكروا ذلك وما زال الناس يضربون الأمثال بالبهائم والطيور وخشاش الأرض فقالوا أجمع من ذرة وأجرأ من الذباب وأسمع من قراد وأضعف من فراشة وآكل من السوس واضعف من البعوضة وأعز من مخ البعوض ولكن ديدن المحجوج والمبهوت أن يرضى لفرط الحيرة بدفع الواضح وإنكار اللائح وما يضل به إلا الفاسقين هو مفعول يضل وليس بمنصوب على الاستثناء لأن يضل لم يستوف مفعوله والفسق الخروج عن القصد والفاسق فى الشريعة الخارج عن الأمر بارتكاب الكبيرة وهو النازل بين المنزلتين أى بين منزلة المؤمن والكافر عند المعتزلة وسيمر عليك ما يبطله إن شاء الله الذين ينقضون عهد الله النقض الفسخ وفك التركيب والعهد الموثق والمراد بهؤلاء الناقضين لعهد الله احبار اليهود المتعنتون أو منافقوهم أو الكفار جميعا وعهد الله ما ركز فى عقولهم من الحجة على التوحيد كأنه أمر وصاهم به ووثقه عليهم أو اخذ الميثاق عليهم بأنهم إذا بعث إليهم رسول يصدقه الله بمعجزاته صدقوه واتبعوه ولم يكتموا ذكره أو أخذ الله العهد عليهم أن لا يسفكوا دماءهم ولا يبغى بعضهم على بعض ولا يقطعوا أرحامهم وقيل عهد الله إلى خلقه ثلاثة عهود العهد الأول الذي أخذه على جميع ذرية آدم عليه السلام بأن يقروا بربوبيته وهو قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بنى آدم الآية وعهد خص به النبيين أن يبلغوا الرسالة ويقيموا الدين وهو قوله تعالى وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم وعهد خص به العلماء وهو قوله تعالى وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه من بعد ميثاقه أصله من الوثاقة وهى إحكام الشئ والضمير للعهد وهو ما وثقوا به عهد الله من قبوله وإلزامه أنفسهم ويجوز أن يكون بمعنى ثوثقته كما أن الميعاد بمعنى الوعد أو الله تعالى أى من بعد توثقته عليهم ومن لا بتداء الغاية ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل هو قطعهم الأرحام وموالاة المؤمنين أو قطعهم ما بين الانيباء من الوصلة والاجتماع على الحق فى إيمانهم ببعض وكفرهم ببعض والأمر طلب الفعل بقول مخصوص على سبيل الاستعلاء وما نكرة موصوفة أو بمعنى الذى و أن يوصل فى موضع جر بدل من الهاء أى نوصله أو فى موضع رفع أى هو أن يوصل ويفسدون فى الأرض بقطع السبيل والتعويق عن الإيمان أولئك مبتدأ هم فصل والخبر الخاسرون أى المغبونون حيث


الصفحة التالية
Icon