الفاتحة ١
هذا خلق الله اى مخلوقه وتفخم لامه إذا كان قبلها فتحة أو ضمة وترقق إذا كان قبلها كسرة ومنهم من يرققها بكل حال ومنهم من يفخم بكل حال والجمهور على الأول والرحمن فعلان من رحم وهو الذى وسعت رحمته كل شيء كغضبان من غضب وهو الممتلئ غضبا وكذا الرحيم فعيل منه كمريض من مرض وفي الرحمن من المبالغة ما ليس في الرحيم لأن في الرحيم زيادة واحدة وفى الرحمن زيادتين وزيادة اللفظ تدل على زيادة المعنى ولذا جاء في الدعاء يارحمن الدنيا لأنه يعم المؤمن والكافر ورحيم الآخرة لأنه يخص المؤمن وقالوا الرحمن خاص تسمية لأنه لا يوصف به غيره وعام معنى لما بينا والرحيم بعسكه لأنه يوصف به غيره ويخص المؤمنين ولذا قدم الرحمن وإن كان أبلغ والقياس الترقى من الأدنى إلى الأعلى يقال فلان عالم ذو فنون بحرير لأنه كالعلم لما لم يوصف به غير الله ورحمة الله إنعامه على عباده وأصلها العطف وأما قول الشاعر في مسيلمة... وأنت غيث الورى لا زلت رحمانا...
فباب من تعنتهم في كفرهم ورحمن غير منصرف عند من زعم أن الشرط انتفاء فعلانه إذ ليس له فعلانة ومن زعم أن الشرط وجود فعلى صرفه إذ ليس له فعلى والاول الوجه الحمد الوصف الجميل على جهة التفضيل وهو رفع بالابتداء وأصله النصب وقد قرئ باظمار فعله على أنه من المصادر المنصوبة بأفعال مظمرة في معنى الاخبار كقولهم شكرا وكفرا والعدول عن النصب إلى الرفع للدلالة على ثبات المعنى واستقراره والخبر لله اللام متعلق بمحذوف اى واجب أو ثابت وقيل الحمد والمدح اخوان وهو الثناء والنداء على الجميل من نعمة وغيرها تقول حمدت الرجل على انعامه وحمدته على شجاعته وحسبه وأما الشكر فعلى النعمة خاصة وهو بالقلب واللسان والجوارح قال... أفادتكم النعماء منى ثلاثة... يدى ولسانى والضمير المحجبا...
اى القلب والحمد باللسان وحده وهو إحدى شعب الشكر ومنه الحديث الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لم يحمده وجعله رأس الشكر لأن ذكر النعمة باللسان أشيع لها من اللاعتقاد وآداب الجوارح لخفاء عمل القلب وما فى عمل الجوارح من الاحتمال ونقيض الحمد الذم ونقيض الشكر الكفران وقيل المدح ثناء على ما هو له من أوصاف الكمال ككونه باقيا قادرا عالما أبديا أزليا والشكر ثناء على ما هو منه من أوصاف الأفضال والحمد يشملها والألف واللام فيه للاستغراق عندنا خلافا للمعتزلة ولذا قرن باسم الله لأنه اسم ذات فيستجمع صفات الكمال وهو بناء على مسألة خلق الأفعال وقد حققته في مواضع رب العالمين الرب المالك ومنه قول صفوان لأبي سفيان لأن يربنى رجل من قريش أحب إلى من أن يربنى رجل من هوازن تقول ربه يربه ربا فهو رب ويجوز أن يكون وصفا بالمصدر للمبالغة كما وصف بالعدل ولم يطلقوا الرب إلا في الله وحده وهو فى العبد مع التقيد إنه ربى أحسن مثواى قال ارجع إلى ربك وقال الواسطى هو الخالق ابتداء