البقرة ١٧٣ - ١٧٥
المحرم فقال إنما حرم عليكم الميتة وهى كل ما فارقه الروح من غير ذكاة مما يذبح و إنما لإثبات المذكور ونفى ما عداه أى ما حرم عليكم إلا الميتة والدم يعنى السائل لقوله فى موضع آخر أو دما مسفوحا وقد حلت الميتتان والدمان بالحديث احلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال ولحم الخنزير يعنى الخنزير بجميع أجزائه وخص اللحم لأنه المقصود بالأكل وما أهل به لغير الله أى ذبح للأصنام فذكر عليه غير اسم الله وأصل الاهلال رفع الصوت أى رفع به الصوت للصنم وذلك قول أهل الجاهلية باسم اللات والعزى فمن اضطر أى ألجئ بكسر النون بصرى وحمزة وعاصم لالتقاء الساكنين اعنى النون والضاد وبضمها غيرهم لضمة الطاء غير حال أى فأكل غير باغ للذة وشهوة ولا عاد متعد مقدار الحاجة وقول من قال غير باغ على الإمام ولا عاد فى سفر حرام ضعيف لأن سفر الطاعة لا يبيح بلا ضرورة والحبس بالحضر يبيح بلا سفر ولأن بغيه لا يخرج عن الإيمان فلا يستحق الحرمان والمضظر يباح له قدر ما يقع به القوام وتبقى معه الحياة دون ما فيه حصول الشبع لأن الإباحة للاضطرار فتقدر بقدر ما تندفع الضرورة فلا اثم عليه فى الأكل إن الله غفور للذنوب الكبائر فأنى يؤاخذ بتناول الميتة عند الاضطرار رحيم حيث رخص ونزل فى رؤساء اليهود وتغييرهم نعت النبى عليه السلام وأخذهم على ذلك الرشا إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب فى صفة محمد عليه السلام ويشترون به ثمنا قليلا أى عوضا أو إذ ثمن أولئك ما يأكلون فى بطونهم ملء بطونهم تقول أكل فلان فىبطنه وأكل فى بعض بطنه إلا النار لأنه إذا أكل ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه فكأنه اكل النار ومنه قولهم أكل فلان الدم إذا أكل الدية التى هى بدل منه قال... يأكلن كل ليلة اكافا...
أى ثمن إكاف فسماه إكافا لتلبسه به بكونه ثمنا له ولا يكلمهم الله يوم القيامة كلاما يسرهم ولكن بنحو قوله اخسؤا فيها ولا تكلمون ولا يزكيهم ولا يطهرهم من دنس ذنوبهم أو لا يثنى عليهم ولهم عذاب أليم مؤلم فحرف النفى مع الفعل خبر أولئك وأولئك مع خبره خبران والجمل الثلاث معطوفة على خبر إن فقد صار لأن أربعة أخبار من الجمل أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة