يونس ٢٤ - ٢٥
ألوان الزين وظن أهلها أهل الأرض أنهم قادرون عليها متمكنون من منفعتها محصلون لثمرتها رافعون لغلتها أتاها أمرنا عذابنا وهو ضرب زرعها ببعض العاهات بعد أمنهم واستيقانهم أنه قد سلم ليلا أو نهارا فجعلناها فجعلنا زرعها حصديا شبيها بما يحصد من الزرع فى قطعه واستئصاله كان لم تغن كأن لم يغن زرعها أى لم يلبث حذف المضاف فى هذه المواضع لا بدمنه ليستقيم المعنى بالأمس هو مثل فى الوقت القريب كأنه قيل كأن لم تغن آنفا كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون فينتفعون بضرب الأمثال وهذا من التشبيه المركب شبهت حال الدنيا فى سرعة تقضيها وانقراض نعيمها بعد الاقبال بحال نبات الأرض فى جفاقه وذهابه حطاما بعدما التف وتكاثف وزين الأرض بخضرته ورفيفه وحكمة التشبيه التنبيه على أن الحياة صفوها شبيتها وكدرها شيبتها كما أن صفوالماء فى أعلى الاناء قال... ألم تر أن العمر كأس سلافة... فأوله صفو وآخره كدر...
وحقيقة تزيين جثة الطين بمصالح الدنيا والدين كاختلاط النبات على اختلاف التلوين فالطينة الطيبة تنبت بساتين الانس ورياحين الرحوح وزهرة الزهد وكروم الكرم وحبوب الحب وحدائق الحقيقة وشقائق الطريقة والخبيثة تخرج خلاف الخلف وثمام الاثم وشوك الشرك وشيح الشح وحطب العطب ولعاع اللعب ثم يدعوه معاده كما يحين للحرث حصاده فتزاليه الحياة مغترا كما يهيج النبات مصفرا فتغيب جثته فى الرمس كأن لم تغن بالأمس إلى أن يعود ربيع البعث وموعد العرض والبحث وكذلك حال الدنيا كالماء ينفع قليله ويهلك كثيره ولا بد من ترك مازاد كما لا بد من اخذ الزاد وآخذ المال لا يخلوا من زلة كما أن خائض الماء لا ينجو من بلة وجمعه وإمساكه تلف صاحبه وإهلاكه فما دون النصاب كضحضاح ماء يجاوز بلا احتماء والنصاب كنهر حائل بين المجتاز والجواز إلى المفاز لا يمكن إلا بقنطرة وهى الزكاة وعمارتها بذل الصلاة فمتى اختلت القنطرة غرقته امواج القناطير المقنطرة وعن هذا قال عليه السلام الزكاة قنطرة الإسلام وكذا المال يساعد الأوغاد دون الأمجاد كما أن الماء يجمتع فى الوهاد دون النجاد وكذالك المال لا يجتمع إلا بكد البخيل كما أن الماء لا يجتمع إلا بسد المسيل ثم يفنى ويتلف ولا يبقى كالماء فى الكف والله يدعو إلى دار السلام وهى الجنة أضافها إلى اسمه تعظيما لها أو السلام والسلامة لأن اهلها سالمون من كل مكروه وقيل لفشوا السلام بينهم وتسليم الملائكة عليهم إلا قيلا سلاما سلاما ويهدى من يشاء ويوفق من يشاء إلى صراط مستقيم إلى الإسلام أو طريق السنة فالدعوة عامة على لسان رسول الله بالدلالة والهداية