يونس ٩٤ - ٩٨
هو الحق الذى لا مجال فيه للشك فلا تكونن من الممترين الشاكين ولا وقف عليه للعطف ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين أى فاثبت ودم على ما أنت عليه من انتقاء المرية عنك والتكذيب بآيات الله أو هو على طريقة التهييج والالهاب كقوله فلا تكونن ظهيرا للكافرين ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ انزلت إليك ولزيادة التثبيت والعصمة ولذلك قال عليه السلام عند نزوله لا أشك ولا أسأل بل أشهد أنه الحق أو خوطب رسول الله صلى الله عليه و سلم والمراد امته أى و إن كنتم فى شك مما انزلنا اليكم كقوله وانزلنا اليكم نورا مبينا أو الخطاب لكل سامع يجوز عليه الشك كقول العرب إذا عز أخوك فهن أو أن للنفى أى فما كنت فى شك فاسأل أى ولا نأمرك بالسؤال لانك شاك ولكن لتزداد يقينا كما ازداد إبراهيم عليه السلام بمعاينة إحياء الموتى فإن قلت إنما يجئ إن للنفى إذا كان بعده إلا كقوله أن الكافرون إلا فى غرور قلت ذاك غير لازم ألا ترى إلى قوله أن أمسكهما من أحد من بعده فإن للنفى وليس بعده إلا أن الذين حقت عليهم كلمت ربك ثبت عليهم قول الله الذى كتبه فى اللوح وأخبر به الملائكة أنهم يموتون كفارا أو قوله لأملان جهنم الآية ولا وقف على لا يؤمنون لأن ولو جاءتهم كل آية تتعلق بما قبلها حتى يروا العذاب الأليم أى عند اليأس فيؤمنون ولا ينفعهم أو عند القيامة ولا يقبل منهم فلولا كانت قرية ءامنت فهلا كانت قرية واحدة من القرى التى أهلكناها تابت عن الكفر وأخلصت الإيمان قبل المعاينة ولم تؤخر كما آخر فرعون إلى أن اخذ بحتفه فنفعها إيمانها بأن تقبل الله إيمانها منها بوقوعه فى وقت الاختيار إلا قوم يونس استثناء منقطع أى ولكن قوم يونس أو متصل والجملة فى معنى النفى كأنه قيل ما آمنت قرية من القرى الهالكة إلا قوم يونس وانتصابه على أصل الاستثناء لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين إلى آجالهم روى أن يونس عليه السلام بعث إلى نينوى من أرض الموصل فكذبوه فذهب عنه مغاضبا فلما فقدوه خافوا نزول عذاب فلبسوا المسوح كلهم وعجوا أربعين ليلة وبرزوا إلى الصعيد بأنفسهم ونسائهم وصبيانهم ودوابهم وفرقوا بين النساء والصبيان والدواب واولادها فحن بعضهم إلى بعض وأظهروا الإيمان والتوبة فرحمهم وكشف عنهم وكان يوم عاشوراء يوم الجمعة وبلغ من توبتهم أن ترادوا المظالم حتى إن الرجل كان يقلع الحجر وقد وضع عليه أساس بنيانه فيرده وقيل خرجوا لما نزل بهم العذاب إلى شيخ من بقية علمائهم فقال له قولوا يا حى حين لا حى ويا حى محيى الموتى ويا حى لا إله إلا أنت


الصفحة التالية
Icon