الفرقان ٥٧ - ٥٢
جميع الأنبياء فآثر رضائى على جميع الأهواء وأريد بهذا تهييجه وتهييج المؤمنين وتحريكهم وجاهدهم به أى بالله يعنى بعونه وتوفيقه أو بالقرآن أى جادلهم به وقرعهم بالعجز عنه جهادا كبيرا عظيما موقعه عند الله لما يحتمل فيه من المشاق ويجوز أن يرجع الضمير فى به إلى ما دل عليه ولو شئنا لبعثنا فى كل قرية نذيرا من كونه نذير كافة القرى لأنه لو بعث فى كل قرية نذير لوجب على كل نذير مجاهدة قريته فاجتمعت على رسول الله تلك المجاهدات فكبر جهاده من أجل ذلك وعظم فقال له وجاهدهم بسبب كونك نذير كافة القرى جهادا كبيرا جامعا لكل مجاهدة وهو الذى مرج البحرين خلاهما متجاورين متلاصقين تقول مرجت الدابة إذا خليتها ترعى وسمى الماءين الكثيرين الواسعين بحرين هذا أى أحدهما عذب فرات صفة لعذب أى شديد العذوبة حتى يقرب إلى الحلاوة وهذا ملح أجاج صفة لملح أى شديد الملوحة وجعل بينهما برزخا حائلا من قدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج فهما فى الظاهر مختلفان وفى الحقيقة منفصلان وحجرا محجورا وسترا ممنوعا عن الأعين كقوله حجابا مستورا وهو الذى خلق من الماء أى النطفة بشرا إنسانا فجعله نسبا وصهرا أراد تقسيم البشر قسمين ذوى نسب أى ذكورا ينسب إليهم فيقال فلان بن فلان وفلانة بنت فلان وذوات صهر أى إناثا يصاهر بهن كقوله تعالى فجعل منه الزوجين الذكر والانثى وكان ربك قديرا حيث خلق من النطفة الواحدة بشرا نوعين ذكرا وأنثى وقيل فجعله نسبا أى قرابة وصهرا مصاهرة يعنى الوصلة بالنكاح من باب الانساب لأن التواصل يقع بها وبالمصاهرة لأن التوالد يكون بهما ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم إن عبدوه ولا يضرهم ان تركوه وكان الكافر على ربه على معصية ربه ظهيرا معينا ومظاهرا وفعيل بمعنى مفاعل غير عزيز والظهير والمظاهر كالعوين والمعاون والمظاهرة المعاونة والمعنى أن الكافر بعبادة الصنم يتابع الشيطان ويعاونه على معصية الرحمن وما أرسلناك إلا مبشرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين قل ما أسئلكم عليه على التبليغ من أجر جعل إلا من شاء ان يتخذ إلى ربه سبيلا والمراد الافعل من شاء واستثناؤه من الأجر قول ذى شفقه


الصفحة التالية
Icon