الشعراء ٤٩ - ٤٠
لعلنا نتبع السحرة فى دينهم إن كانوا هم الغالبين أى غلبوا موسى فى دينه وليس غرضهم اتباع السحرة وإنما الغرض الكلى أن لا يتبعوا موسى فساقوا الكلام مساق الكناية لأنهم إذا اتبعوهم لم يكونوا متبعين لموسى فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا ان كنا نحن الغالبين قال نعم وبكسر العين على وهما لغتان وانكم إذا لمن المقربين أى قال فرعون نعم لكم أجر عندى وتكونون مع ذلك من المقربين عندى فى المرتبة والجاه فتكونون أول من يدخل على وآخر من يخرج ولما كان قولهم أئن لنا لأجرا فى معنى جزاء الشرط لدلالته عليه وكان قوله وانكم إذا لمن المقربين معطوفا عليه دخلت إذا قارة فى مكانها الذى تقتضيه من الجواب والجزاء قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون من السحر فسوف ترون عاقبته فألقوا حبالهم سبعين ألف حبل وعصيهم سبعين ألف عصا وقيل كانت الحبال اثنين وسبعين ألفا وكذا العصى وقالوا بعزة فرعون أنا لنحن الغالبون أقسموا بعزته وقوته وهو من أيمان الجاهلية فالقى موسى عصاه فإذا هى تلقف تبتلع ما يأفكون ما يقلبونه عن وجهه وحقيقته بسحرهم ويزورونه ويخيلون فى حبالهم وعصيهم انها حيات تسعى فألقى السحرة ساجدين عبر عن الخرور بالالقاء بطريق المشاكلة لأنه ذكر مع الالقاآت ولأنهم لسرعة ما سجدوا صاروا كأنهم ألقوا قالوا آمنا برب العالمين عن عكرمة رضى الله عنه أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء رب موسى وهرون عطف بيان لرب العالمين لأن فرعون كان يدعى الربوبية فأرادوا أن يعزلوه وقيل ان فرعون لما سمع منهم آمنا برب العالمين قال اياى عنيتم قالوا رب موسى وهرون قال آمنتم له قبل أن آذن لكم بذلك إنه لكبيركم الذى علمكم السحر وقد تواطأتم على أمر ومكر فلسوف تعلمون وبال ما فعلتم ثم صرح فقال لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف