القصص ٢٧ - ٢٥
لما ورد على سره من الأنوار فجاءته احداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا على استحياء في موضع الحال أي مستحية وهذا دليل كمال ايمانها وشرف عنصرها لأنها كانت تدعوه إلى ضيافتها ولم تعلم أيجيبها أن لا فأتته مستحية قد استترت بكم درعها وما في ما سقيت مصدرية أي جزاء سقيك روى أنهما لما رجعتا إلى ابيهما قبل الناس واغنامهما حفل قال لهما ما أعجلكما قالتا وجدنا رجلا صالحا رحمنا فسقى لنا فقال لاحداهما اذهبي فادعيه لي فتبعها موسى عليه السلام فالزقت الريح ثوبها بجسدها فوصفته فقال لها امشي خلفي وانعتي لي الطريق فلما جاءه وقص عليه القصص أي قصته وأحواله مع فرعون والقصص مصدر كالعلل سمي به المقصوص قال له لا تخف نجوت من القوم الظالمين إذ لا سلطان لفرعون بأرضنا وفيه دليل جواز العمل بخبر الواحد ولو عبدا أو أنثى والمشي مع الأجنبية مع ذلك الاحتياط والتورع وأما أخذ الأجر على البر والمعروف فقيل أنه لا بأس به عند الحاجة كما كان لموسى عليه السلام على أنه روى أنها لما قالت ليجزيك كره ذلك وإنما وإنما أجابها لئلا يخيب قصدها لأن للقاصد حرمة ولما وضع شعيب الطعام بين يديه امتنع فقال شعيب الست جائعا قال بلى ولكن أخاف أن يكون عوضا مما سقيت لهما وأنا أهل بيت لا نبيع ديننا بالدنيا ولا نأخذ على المعروف ثمنا فقال شعيب عليه السلام هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا فأكل قالت إحداهما يا أبت استأجره اتخذه أجيرا لرعي الغنم روى أن أكبرهما كانت تسمى صفراء والصغرى صفيراء وصفراء هي التى ذهبت به وطلبت إلى أبيها أن يستأجره وهي التي تزوجها إن خير من استأجرت القوي الأمين فقال وما علمك بقوته وأمانته فذكرت نزع الدلو وأمرها بالمشي خلفه وورد الفعل بلفظ الماضي للدلالة على أن أمانته وقوته أمران متحققان وقولها أن خير من استأجرت القوي الأمين كلام جامع لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان الكفاية والأمانة في القائم بأمرك فقد فرغ بالك وتم مرادك وقيل القوي في دينه الأمين في جوارحه وقد استغنت بهذا الكلام الجاري مجرى المثل عن أن تقول استأجره لقوته وأمانته وعن ابن مسعود رضي الله عنه افرس الناس ثلاث بنت شعيب وصاحب يوسف في قوله عسى أن ينفعنا وأبو بكر في عمر قال إني أريد أن أنكحك أزوجك إحدى ابنتي هاتين قوله هاتين يدل على أنه كان له غيرهما وهذه مواعدة منه ولم يكن ذلك عقد نكاح إذ لو كان عقد لقال قد أنكحتك على أن تأجرني تكون أجيرا


الصفحة التالية
Icon