العنكبوت ١٧ - ١٣
خلافه كالكاذبين الذين يعدون الشيء وفي قلوبهم نية الخلف وليحملن اثقالهم أي أثقال أنفسهم يعنى أوزارهم بسب كفرهم وأثقالا مع أثقالهم أي أثقالا أخر غير الخطايا التي ضمنوا للمؤمنين حملها وهي أثقال الذين كانوا سببا في ضلالهم وهو كما قال ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون يختلقون من الأكاذيب والأباطيل ولقد أرسلنا نوحا إلى قومهم فلبث فيها ألف سنة إلا خمسين عاما كان عمره ألفا وخمسين سنة بعث على رأس أربعين ولبث في قومه تسعمائة وخمسين سنة وعاش بعد الطوفان ستين وعن وهب أنه عاش ألفا وأربعمائة سنة فقال له ملك الموت يا أطول الأنبياء عمرا كيف وجدت الدنيا قال كدار لها بابان دخلت وخرجت ولم يقل تسعمائة وخمسين سنة لأنه لو قيل كذلك لجاز أن يتوهم إطلاق هذا العدد على أكثره وهذا التوهم زائل هنا فكانه قيل تسعمائة وخمسين سنة كاملة وافية العدد إلا أن ذلك أخصر وأعذب لفظا وأملأ بالفائدة ولأن القصة سبقت لما إبتلى به نوح عليه السلام من أمته وما كابده من طول المصابرة تسلية لنبينا عليه السلام فكان ذكر الألف أفخم وأوصل إلى الغرض وجيء بالمميز أولا بالسنة ثم بالعام لأن تكرارا لفظ واحد في كلام واحد حقيق بالاجتناب في البلاغة فاخذهم الطوفان هو ما أطاف وأحاط بكثرة وغلبة من سيل أو ظلام ليل أو نحوهما وهم ظالمون أنفسهم بالكفر فأنجيناه أي نوحا وأصحاب السفينة وكانوا ثمانية وسبعين نفسا نصفهم ذكور ونصفهم إناث منهم أولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم وجعلناها أي السفينة أو الحادثة أو القصة آية عبرة وعظة للعالمين يتعظون بها وابراهيم نصب باضمار أذكر وأبدل عنه إذ قال بدل اشتمال لأن الأحيان تشتمل على ما فيها أو معطوف على نوح أي وأرسلنا ابراهيم أو ظرف لأرسلنا يعني أرسلناه حين بلغ من السن أو العلم مبلغا صلح فيه لأن يعظ قومه ويأمرهم بالعبادة والتقوى وقرأ ابراهيم النخعي وأبو حنيفة رضي الله عنهما ابراهيم بالرفع على معنى ومن المرسلين ابراهيم لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم من الكفر إن كنتم تعلمون إن كان لكم علم بما هو خير لكم مما هو شر لكم إنما تعبدون من دون الله أوثانا أصناما وتخلقون


الصفحة التالية
Icon