الأحزاب ٧٣ - ٧٢
للمؤتمن عليها وهو حاملها ولهذا يقال ركبته الديون ولى عليه حق فإذا أداها لم تبق راكبة له ولا هو حامل لها يعنى أن هذه الاجرام العظام من السموات والأرض والجبال قد انقادت لأمر الله انقياد مثلها وهو ما يتأتى من الجمادات واطاعت له الطاعة التى تليق بها حيث لم تمتنع على مشيئته وإرادته أيجادا وتكوينا وتسوية على هيآت مختلفة واشكال متنوعة كما قال ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللارض أثتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين واخبر أن الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب يسجدون لله وأن من الحجارة لما يهبط من خشية الله وأما الإنسان فلم تكن حاله فيما يصح منه من الطاعة ويليق به من الانقياد لأوامر الله ونواهية وهو حيوان عاقل صالح للتكليف مثل حال تلك الجمادات فيما يصح منها ويليق بها من الانقياد وعدم الامتناع وهذا معنى قوله فأبين أن يحملنها أى أبين الخيانة فيها وأن لا يؤدينها وأشفقن منها وخفن من الخيانة فيها وحملها الإنسان أى خان فيها وأبى أن لا يؤديها انه كان ظلوما لكونه تاركا لاداء الامانة جهولا لاخطائه ما يسعده مع تمكه منه وهو أداؤها قال الزجاج الكافر والمنافق حملا الامانة أى خانا ولم يطيعا ومن أطاع من الأنبياء والمؤمنين فلا يقال كان ظلوما جهولا وقيل معنى الآية أن ما كلفه الإنسان بلغ من عظمة أنه عرض على أعظم ما خلق الله من الاجرام وأفواه فأبى حمله وأشفق منه وحمله الإنسان على ضعفه أنه كان ظلوما جهولا حيث حمل الامانة ثم لم يف بها وضمنها ثم خان بضمانه فيها ونحو هذا من الكلام كثير فى لسان العرب وما جاء القرآن إلا على أساليبهم من ذلك قولهم لو قيل للشحم أين تذهب لقال أسوى العوج واللام فى ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات للتعليل لأن التعذيب هنا نظير التأديب فى قولك ضربته للتأديب فلا تقف على جهولا ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وقرأ الأعمش ويتوب الله بالرفع ليجعل العلة قاصرة على فعل الحامل ويبتدئ ويتوب الله ومعنى المشهورة ليعذب الله حامل الامانة ويتوب على غيره ممن لم يحملها لأنه إذا تيب على الوافى كان نوعا من عذاب الغادر أو للعاقبة أى حملها الانسان فآل الأمر إلى تعذيب الأشقياء وقبول توبة السعداء وكان الله غفورا للتائبين رحيما بعباده المؤمنين والله الموفق للصواب


الصفحة التالية
Icon