مريم ٢١ - ١٦
مشتملة على ما فيها وفيه ان المقصود بذكر مريم ذكر وقتها هذا لوقوع هذه القصة العجيبة فيه انتبذت من أهلها أي اعتزلت مكانا ظرف شرقيا أي تخلت للعبادة في مكان مما يلي شرقي بيت المقدس أومن دارها معتزلة عن الناس وقيل قعدت في مشرقه للاغتسال من الحيض فاتخذت من دونهم حجابا جعلت بينها وبين أهلها حجابا يسترها لتغتسل وراءه فأرسلنا إليها روحنا جبريل عليه السلام والإضافة للتشريف وإنما سمي روحا لأن الدين يحيا به وبوحيه فتمثل لها بشرا أي فتمثل لها جبريل في صورة آدمي شاب أمرد وضئ الوجه جعد الشعر سويا مستوى الخلق وإنما مثل لها في صورة الإنسان لتستأنس بكلامه ولا تنفر عنه ولو بدالها في صورة الملائكة لنفرت ولم تقدر على استماع كلامه قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أي إن كان يرجى منك ان تتقي الله فاني عائذة به منك قال جبريل عليه السلام إنما أنا رسول ربك أمنها مما خافت وأخبر أنه ليس بآدمي بل هو رسول من استعاذت به لأهب لك بإذن الله تعالى أو لأكون سببا في هبة الغلام بالنفخ في الدرع ليهب لك أي الله أبو عمرو ونافع غلاما زكيا طاهرا من الذنوب أو ناميا على الخير والبركة قالت أني كيف يكون لي غلام ابن ولم يمسسني بشر زوج بالنكاح ولم أك بغيا فاجرة تبغي الرجال أي تطلب الشهوة من أي رجل كان ولا يكون الولد عادة إلا من أحد هذين والبغي فعول عند المبرد بغوي فقلبت الواو ياء وأدغمت وكسرت الغين اتباعا ولذا لم تلحق تاء التأنيث كما لم تلحق في امرأة صبور وشكور وعند غيره هي فعيل ولم تلحقها الهاء لأنها بمعنى مفعولة وان كانت بمعنى فاعلة فهو قد يشبه به مثل ان رحمة الله قريب قال جبريل كذلك أي الأمر كما قلت لم يمسك رجل نكاحا أو سفاحا قال ربك هو علي هين أي اعطاء الولد بلا أب علي سهل ولنجعله آية للناس تعليل معللة محذوف أي ولنجعله آية للناس فعلنا ذلك أو هو معطوف على تعليل مضمر اي لنبين به قدرتنا ولنجعله آية للناس أي عبرة وبرهانا على قدرتنا ورحمة منا لمن آمن به وكان خلق عيسى أمرا مقضيا مقدرا مسطورا في اللوح فلما اطمأنت إلى قوله منها فنفخ في جيب درعها


الصفحة التالية
Icon